تناول الكاتب سيرة الطبيب الأندلسي عبدالملك الفقيه محمد بن زهر، وهدف إلى التعرف بشخصيته، ونسبه، ومؤلفاته، ومساهماته الطبية. وقد رجع لمصادر التراث الطبي الإسلامي وطبقات الأطباء، واستهل ببيان نسب بني زهر الأندلسيين إلى قبيلة إياد بن نزار إحدى قبائل العرب العدنانية، التي هاجرت بعد الفتح إلى الأندلس فنزلت أولاً مدينة شاطبة شرقي البلاد، ثم ما لبث أحفادهم أن تفرقوا في أنحاء الأندلس، وانتقل أفراد من هذه الأسرة إلى إشبيلية حيث ولد الطبيب عبدالملك بن الفقيه محمد، ومما ساعد في تناول علمه وتجربته الطبية كتاب التيسير في المداواة والتدبير الذي ألفه حفيده عبدالملك بن زهر بن عبدالملك بعد رحيله بنحو ثمانين عامًا، وقد سجل فيه حصيلة تجربته وما أخذه عن أبيه الطبيب أبي العلاء بن زُهر، وما تلقى عنه أيضًا من علم جده عبدالملك. وقد عرف الجدّ ما في زهر النيلوفر من خواص يجهلها معاصروه من أطباء الأندلس أمكنت من استخدامه كدواء مسهل، وكان لا يرى التداوي بالأدوية ما أمكن التداوي بالأغذية، فإذا دعت الضرورة إلى الأدوية فلا يرى التداوي بمركبّها ما وصل إلى التداوي بمفردها، فإن اضطر إلى المركّب لم يكثر التركيب بل اقتصر على أقل ما يمكن منه، ومن معالجاته النباتية للحميات التي تعاود العليل وتطول مدتها وتتعدد أنواعها تناول حبات من الخوخ النضج، ثم أخذ دواء مسهل. وأشار إلى التقليد الطبي العريق بين العرب الذين نظموا صناعة الطب تنظيمًا دقيقًا عرّفوا فيه بما للأطباء من الحقوق وما عليهم من الواجبات، واضطلاع ديوان الحسبة باختبار الأطباء وفحص معلوماتهم. وقد توفي الطبيب المدروس في دانية سنة 470هـ بعد حياة طبية نشطة .
|