يتناول الكاتب مقاومة الدويلات الأفريقية الإسلامية الواقعة إلى الغرب من السودان للاستعمار الأوربي الذي يُعدّ تواصلاً للغزو الصليبي، مستهدفًا توضيح تاريخ هذه المقاومة وتتبع جذور حركة الصحوة الإسلامية في غرب أفريقيا في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر إلى ما بعد سقوط إمبراطورية السنغهاي، وقد كان سقوطها نقطة تحول في تاريخ انتشار الإسلام بالطريق السلمي في غرب أفريقيا. وكان الإسلام قد وجد طريقه إلى غرب أفريقيا عن طريق القوافل التجارية عبر الصحراء؛ إذ كان للتجار العرب والبريد على السواء دور كبير في تقديمه كنموذج أفضل للحياة، وكان أول من تقبّل الإسلام والحياة الإسلامية التجار الأفريقيون الذين كانوا يتعاملون مع التجار المسلمين، فتعلموا القرآن وكانوا يقرأون ويكتبون بالعربية إلى جانب لغاتهم المحلية، ويلتزمون بالأخلاق الإسلامية السامية، ويتمسكون بالطهارة والنظافة، ويشكلون طبقة راقية متميزة مقارنة بالوثنيين المتخلفين، وبذا فتحت لهم الأبواب في إدارات الدولة لشغل الوظائف الحكومية وتدبير الأمور الداخلية والخارجية في الإمبراطوريات الأفريقية، وتعليم أبناء السلاطين والأمراء في القصور، واعتنق الإسلام على أيديهم الأفريقيون على طول الساحل الأفريقي الواقع إلى الجنوب من الصحراء، وعمل المسلمون على التكتّل والمطالبة بحقوقهم، وظهرت الدعوة إلى الجهاد ضد مضطهديهم من الأفارقة الوثنيين قرب نهاية القرن الثامن عشر، ولم يكن للمسلمين دولة سوى دولة البورنو، ومع مطلع القرن الثامن عشر قوي الجهاد من أجل تأسيس دولة إسلامية أفريقية كبرى، ومن كبار المجاهدين عثمان دان فوديو والشيخ حاميدو، والحاج عمر، وعمل الشيخ عمر على نشر الإسلام، وعملت فرنسا على مواجهته لأنها رأت في نشاطه تهديدًا لمصالحها ولحركات التنصير، واستشهد سنة 1864م بعد آن نجح في بناء دولة إسلامية قائمة على أساس القرآن والسنة لكن قوى الاستعمار الفرنسي الغاشم مزقتها إلى دول ثلاث: السنغال، وجامبيا، ومالي.
|