تناول الكاتب قضية التعريب لبيان مجالاته، ومظاهره، وأهميته، ومقتضياته. وأوضح أن مصطلح التعريب يوظَّف في الثقافة العربية المعاصرة في أربعة معان: فقد يطلق التعريب في ميادين الثقافة العامة على إخضاع النصوص أو الأعمال الأجنبية لشيء من التصّرف في مبناها ومعناها، بتطويعها لمقتضيات الظروف وأنماط التقاليد الاجتماعية والثقافية العربية، وجعلها ذات سمة عربية. ويعني ذلك أن يتخذ نقل النصوص المكتوبة أحد طريقين: أولهما ترجمة الفكرة العامة أو العناصر الرئيسة للموضوع، وثانيهما حشو النص المنقول بأفكار جزئية عربية، أو التحوير والتعديل في بعض عناصره، أو حذف شيء أو أشياء منه حتى يأخذ الطابع العربي بصورة معينة. ويحدث ذلك كثيرًا في نقل المسرحيات والأفلام ونحوها، وقد يسمى أحيانا بالاقتباس، أي اقتباس الأفكار الرئيسة وصوغها في بناء أو قالب عربي. والمعنى الثاني للتعريب متصل بالمعنى السابق، ويراد به الترجمة، مع أن الترجمة تعني نقل المعنى، في حين أن التعريب يعني في أدق معانيه النقل إلى العربية الذي وضح آنفًا. وقد يراد بالتعريب اعتماد اللغة العربية لغة العلم والفن بدلاً من اللغات الأجنبية. أما المعنى الثالث للتعريب فهو نقل اللفظة الأجنبية بحالها إلى اللغة العربية مع التعديل أو التغيير للتمشي مع القواعد الصوتية والصرفية في اللغة العربية، وينبغي أن يحد من اللجوء إلى التعريب، وأن يكون تاليًا للترجمة. أما المعنى الرابع للتعريب فهو تحويل الجامعات والكليات الجامعية والمعاهد العليا من التدريس باللغات الأجنبية إلى التدريس باللغة العربية. إن التعريب اللغوي منطلق حقيقي لتعريب الفكر، وضرورة لصلاح العرب والعربية، ذلك أنه مطلب قومي وعلمي ولغوي واجتماعي، واللغة العربية غنية مقتدرة، ولا يدعو اتخاذها لغة للعلم والتعليم إلى إهمال اللغات الأجنبية. وإجمالاً يُقترح ترتيب أساليب النقل عن اللغات الأجنبية بحيث تكون الترجمة أولاً، فالتعريب، فنقل المصطلح الأجنبي على حاله.
|