تناول الكاتب مفهوم الحضارة والحوار الحضاري بين الأمم بهدف بيان أهميته في التقدم والرقي، وقد رجع إلى الدراسات التاريخية والحضارية والثقافية. إن غاية الحوار توليد الأفكار الجديدة لا الاقتصار على عرض الأفكار القديمة، وفيه توضيح للمعاني وإثراء للمفاهيم يفضيان إلى تقدم الفكر. وتطور مفهوم الحضارة مع الزمن، والحضارة في فكر ابن خلدون طور طبيعي أو جيل من أجيال طبيعية في حياة المجتمعات المختلفة وأنها غاية العمران، وإنها ترسخ باتصال الدول ورسوخها. والسلوك الحضاري هو جواب الإنسان على التحدي الذي يواجهه، ويرد التحدي في صور نشاط مادي ومعنوي متعدد الجوانب، وتمثل الحضارة النشاط الإنساني في شتى مجالات الآداب والعلوم والفنون، وتشمل صور الإنتاج المادي من عمائر، وطرق، وجسور، وقناطر، وغيرها، ومن مجالات الحضارة العقائد، والأدب، والنظم السياسية، والإدارية، والاقتصادية، والاجتماعية، وتخطيط المدن والعمائر والمواصلات، وأساليب المأكل والمشرب والزينة، وتشكل الحضارة مجموع الصفات والمزايا المشتركة لمجتمع أو مجموعة مجتمعات. وتناول الكاتب الإسلام وموقفه من الحضارة، وأوضح أن الحضارة الإسلامية هي عمارة الأرض وترقية الحياة على ظهرها من جميع النواحي وفق منهج الله ــ تعالى ــ وشريعته، والحضارة الإسلامية بما فيها من قيم وأخلاقيات تقوم في كل مكان وفي كل بيئة، وأشكالها وصورها المادية كثيرة متنوعة لأنها تستخدم في كل بيئة ما يتوافر فيها من مقدرات ومعطيات لتنميتها، واللقاء الحضاري الإسلامي مع حضارات الأمم الأخرى متاح، والعرب ورثوا الحضارة القديمة وأخذوا عن الحضارات الفارسية، واليونانية، والهندية، والبيزنطية، وتبنت الحضارة الإسلامية ما فيها من معارف وعلوم وتجارب إنسانية لا تتعارض مع العقيدة الإسلامية.
|