تناولت الدراسة تنظيم القضاء الإسلامي في مملكة سنغاي الإسلامية في عهد ملوك آل أسكيا الذين حرصوا على اختيار الأصلح من العلماء لولاية القضاء، ومعيار الصلاح هو الورع والزهد والتقى وبلوغ درجة الاجتهاد في المذهب المالكي على الأقل، وقد رجع إلى كتب الفقه والقضاء والأقضية، إضافة إلى مصادر تاريخ السودان والدول الإسلامية في أفريقيا. وقد مُهِّد للدراسة بتوضيح أهمية القضاء ومعناه في اللغة والاصطلاح. والقضاء أمر لازم لقيام الأمم وسعادتها وأمنها واستقرارها ونصرة المظلوم ورد الظالم إلى الصواب وأداء الحقوق إلى أصحابها ومعاقبة المجرمين. وقد تناول الباحث نظام القضاء عند الأفارقة فيما حول النيجر قبل الإسلام، ووضح كيف أنه لما جاء الإسلام ودان به كثير من الحكومات في معظم الدول الأفريقية عمل الملوك والأمراء بالنظام الإسلامي في القضاء، وطبقوا أحكام الشريعة الإسلامية العادلة على جميع شؤون الناس في حياتهم الشخصية والاجتماعية، وكان للعلماء والفقهاء أثر عظيم في بيان أحكام الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يصدر عن الناس في حياتهم العملية والاجتماعية. وكان على كل دولة إسلامية أفريقية ملك أو سلطان يحمل لقبًا معينًا، وقد عرف ملوك سنغاي بثلاثة ألقاب لكل منها مدلول سياسي وديني ومنها أسكيا بمعنى ممنوع جريان اسم الملك على الألسنة توقيرًا له. وقد استقدم محمد أسكيا ملك سنغاي الإمام محمد بن عبدالكريم المغيلي، وعينه مستشارًا له وقاضيًا ومفتيًا على الرغم من أن أمير المؤمنين أسكيا محمد من فقهاء المذهب المالكي. وفي عهد مملكة سنغاي الإسلامية تم تنظيم القضاء، وأصبح القضاء منصبًا مستقلاً، ويعين الملك القضاة من بين الفقهاء البارزين، وكان لهم سلطة نافذة. وقد استعرضت مهام القاضي والقضايا التي كانوا ينظرونها وأشهر القضاة. ومن أهم النتائج التي توصِّل إليها قوة سلطة القاضي واشتمال مهامه على الإشراف على التعليم وحماية حقوق الناس.
|