استهدفت الدراسة استخلاص ما يشتمل عليه الشعر العربي القديم من قيم علمية متوافقة مع المعطيات العلمية الحديثة؛ لبيان بعض مظاهر الحياة العقلية عند العرب، والاستدلال على مدى شيوع الثقافة العلمية عندهم، ومجالات سبقهم؛ وقد استهل الكاتب ببيان مكانة الشعر في حياة العرب؛ إذ جمع فكرهم وثقافتهم؛ وبالإضافة إلى ما كان للشعر من قيمة أدبية ولغوية، فإنه كان له إسهام القيّم في علوم أخرى كالتاريخ والجغرافيا، بما أفاض الشعراء في قصائدهم في ذكر أيامهم وحروبهم ومواقعهم، وذكر الأماكن والمواضع، ومما أجادوا في وصفه مظاهر بيئتهم من جماد وحيوان ونبات؛ وكان للشعر أيضًا قيمته العلمية في مجالات الفكر الجيولوجي، والفلكي، والكيميائي، وإسهامه في ذلك بعيد عن الأدب لكونه خلاصة ملاحظة وتجربة وتحليل ونظر وليس نسيج خيال الشعراء أو إلهامهم؛ وأشار الكاتب إلى إهمال الدارسين لتناول هذا الجانب، فلم يتبينوا قيمته العلمية التي توارت أمام طغيان قيمته الأدبية، والاحتجاج بشواهده في اللغة والنحو؛ وركز على دراسة موضوعه في الشعر العربي بمعناه الشامل؛ ثم درس مباحث الجيولوجيا الطبيعية في الشعر العربي من خلال تناول الشاعر لما تفعله العوامل الطبيعية كالماء والرياح في مادة القشرة الأرضية، ثم درسَ مباحث الفلك في الشعر العربي، متطرقًا إلى ذكر أسماء النجوم وأحوالها ووصفها فيه، ثم درس زذكر النبات والحيوان في الشعر العربي، وخاصة نباتات الصحراء وحيواناتها بأشكالها وألوانها وفوائدها، ثم عرض الكاتب شواهد علمية متفرقة تشير لمباحث مختلفة تتصل بعلوم الكيمياء، والرياضيات، بالإضافة إلى ظاهرة الرمال الموسيقية التي تعدّ حديثة الاكتشاف، وهي تحدث عند انثيال الرمال الجافة على منحدر جبلي مائل بزاوية 5.29عن المستوى الأفقي؛ وانتهى إلى أن دراسته تمثل بداية متواضعة لبحث أشمل .
|