دراسة أدبية تتناول البطولة النفسية والشمائل والأخلاقيات في الشعر العربي في العصر الجاهلي، وتهدف إلى استكشاف أبعاد معالجتها فيه، وقد رجع إلى مصادر الشعر الجاهلي والدراسات التي تناولته، واستهلّ ببيان أهمية دراسة الجانب الإنساني النفسي في الشعر الجاهلي، وإغفال الباحثين لدراسته، الأمر الذي يدعو إلى التنقيب عن مضامينه وخصائصه وتناوله في الشعر المدروس، ثم استعرض الشمائل التي تناولها الشاعر الجاهلي مبتدئًا بعفة النفس، حيث رأى الشاعر أن من واجبه الإنساني الأمثل أن يدعو قومه إلى العفة والترفع، فحث على الخير، وضبط النفس، والتسامي فوق الدنايا، وهو عندما يدعو قومه إلى عفة النفس، فإنما يدعو إليها تدليلاً على كرم الخلق، وحميد الخصال، والعربي يؤثر أن يموت عزيز النفس لا يسأل الناس ولو مات جوعًا، وقد يدخل المعركة لا طمعًا في المغنم، ولكن دفاعًا عن الكرامة والحقوق، ثم تناول الكاتب فضيلة رعاية الجار في الشعر الجاهلي، فالعربي من خلال الشعر يحترم الجار، ويقدر حقه، ويسرع إلى نجدته وحفظ حرمته، وعهد الجار والصديق واحد، وكلاهما له الحق الإنساني كما بينه الشاعر زهير بن أبي سلمى مثلاً، وتبرز عاطفة الإخاء وحق الدفاع عن الجار فيما اتفق عليه مهما كانت النتائج، والعربي يمنع الظلم والغدر عن جاره حتى يعيش بأمان واطمئنان في حياته، وإنه لميثاق شرف أن الجار محمي من الغدر والسطو والفزع حيث أجير، ويقرن كثير من الشعراء حق الجار بحق الضيف، ويحرم العربي على نفسه لونًا من الطعام إذا علم أن بيت جاره قد خلا منه، ثم تناول الكاتب صلة الرحم، فتحدث عما اشتمل عليه شعر الأعشى من حث على صلة الرحم، ولين الجانب، ونصرة العشيرة، ثم تطرق لفضائل نفسية أخرى منها الحزم، وقوة العزيمة، والبعد عن النفاق، والوفاء بالوعد، والتبصر وبعد النظر، وإن فيما سبق دليلاً على صفاء نفوس بعض شعراء الجاهلية وتمسكهم بالحياة الشريفة والفضائل.
|