تناول الكاتب علاقة الحجاز بمصر خلال القرن العاشر الهجري، معتمدًا على وثائق المحاكم الشرعية التي كان لها دور نشط في العصر العثماني، خاصة المحاكم في أحياء القاهرة ومحاكم الأقاليم التي كانت قائمة في المدن المصرية المختلفة، ووجد أن تلك الوثائق قد سجلت معلومات مهمة متصلة بأهل الحجاز وأحوالهم الاجتماعية وأنشطتهم الاقتصادية التي كانوا يمارسونها في القاهرة والمدن المصرية المختلفة، وحياتهم الثقافية والإدارية، كما تطرقت الدراسة إلى المسالك البرية والبحرية التي كانت تربط مصر بالجزيرة العربية في ذلك العصر، فمن حيث المسلك البري فيشار إليه باسم طريق الحاج أو الدرب المصري، وسلكه الحجاج والتجار، وسلكه أبناء شبه الجزيرة العربية في اتجاههم نحو مصر والمغرب وغرب أفريقيا، وأما المسلك البحري فيبدأ فرع له من القاهرة عن طريق النيل أو البحر حتى مدينة قوص بصعيد مصر، ثم يقطع سالكوه الصحراء على ظهور الجمال إلى ميناء عيذاب على البحر الأحمر، أو إلى ميناء القصير، وفرع ازدادت أهميته منذ العصر المملوكي ويتجه فيه المسافرون إلى السويس، ثم يبحرون إلى جدة. وبالنسبة لوجود الحجازيين في مصر فقد استمرت هجرة القبائل الحجازية إلى مصر منذ الفتح الإسلامي حتى القرن الثالث عشر الهجري، واستقر بعضها في ريف مصر ومحافظات المنيا وأسيوط وسوهاج، واستقر بعضها الآخر في الوجه البحري في محافظات الشرقية والغربية والقليوبية، علاوة على عرب الخيش الذين آثروا الترحال في البلاد. وتشير سجلات المحاكم الشرعية إلى وجود جالية حجازية كبيرة في المدن المصرية عملت في تجارة النحاس، والعطور، والفحم، وغيرها من السلع، علاوة على الصيرفة، والسمسرة، وامتلاك العقارات، واندمج الحجازيون بالمجتمع المصري عن طريق التزاوج. وانتهت الدراسة إلى تأكيد الدور الاقتصادي والاجتماعي للجالية الحجازية في مصر في فترة الدراسة
|