قدم الكاتب تحليلاً لقصيدة أبي الطيب المتنبي "واحر قلباه" للكشف عن مضامينها، وبخاصة ما اتصل بنفسية الشاعر، وعلاقته بسيف الدولة، والخصومة بين الشاعر وبينه، ورجع لديوان أبي الطيب وإلى الدراسات المنشورة حول شعره. وقد تناول الوضع النفسي الصعب الذي عاشه المتنبي إثر تردي علاقة سيف الدولة به بسبب النمائم والوشايات، وهو الذي طالما استمع للشاعر وهو ينشده فيخفف عنه ويبث فيه القوة والعزيمة مجدِّدًا فيه الحيوية والنشاط والأمل بمدائحه التي تخلِّد انتصاراته ورجولته، وقصيدته المدروسة هنا كانت عتابًا لسيف الدولة، بل بكاء وشجوًا، وهو يندب فيها حظه العاثر ويبكي نفسه الحزينة، وبعد أن أفضى بحزنه في مطلع القصيدة، أخذ يصوغ كلماته في قوالب تنتظم إيقاعها في توافق صوتي تتبادله الكسرة والفتحة وتختتمه الضّمة التي تمد اللحن باستمرارية دائمة، ويعبِّر الشاعر بصدق عن مشاعره تجاه سيف الدولة، وعن خيبة أمله في عدم تصرّف سيف الدولة تصرّف الحكم العدل معه، فيوجه هجومًا صريحًا ضده، فسيف الدولة لا يميّز بين الغثّ والسمين من الشعر، ولا يدرك قدْر الشعر الجيد. وأخذ أبو الطيب يفخر بنفسه وبشعره، وقد يكون ذلك بمثابة العزاء لنفسه عن الخسارة التي مني بها بفقد سيف الدولة، فأخذ يبث في نفسه معاني القوة والعزيمة ليحدث توازنًا بين الذات والموضوع. وأشار الكاتب إلى أن القصيدة تسير في تيار نفسي واحد، وأوضح أنه بعد التأكيد على الذات، وإبراز شخصيته على هيئتها وكما هي عليه دون لبس أو غموض، يعود المتنبي إلى محور قضيته الأساس، وهو الفراق والابتعاد عن سيف الدولة وأزمة العلاقة الإنسانية بينهما، وقد دفعه اليأس من تجديد العلاقة بسيف الدولة إلى الرحيل المرغم، والخاتمة تشير إلى نهاية القصيدة ونهاية العلاقة بسيف الدولة. وقد رأى الكاتب أن المتنبي يتحدث بالفعل الماضي حين يتناول الجانب الإيجابي من تعامله مع سيف الدولة، وبالفعل المضارع حين يتحدث عن الجانب السلبي معه، فماضيه مع الشاعر خير من حاضره معه.
|