أرّخ الكاتب للحياة الاجتماعية في مراكش في عصري المرابطين والموحدين، مستهدفًا بيان فئات المجتمع وأسلوب معيشته وطبقاته ومناسباته، وقد رجع لمصادر تاريخ المغرب في فترة الدراسة. لقد نشأت في المغرب العربي عدة مدن خلال حكم المرابطين والموحدين كان لها دور حضاري مهم، وفي طليعة تلك المدن مراكش، ويرجح أن يوسف بن تاشفين هو الذي بدأ بناء المدينة سنة 454هـ/ 1026م، وكان بناؤها متواضعًا، وبنى ولي أمر المرابطين علي بن يوسف فيها قصره المعروف بدار الحجر، وأدار حولها الأسوار سنة 526هـ/ 1131م. وقد شهدت مراكش في عهد الموحدين تقدمًا كبيرًا فقامت فيها منشآت وجرت توسعتها. ومن أهم عناصر سكانها العرب الذين توافدوا على البلاد منذ القرن الأول الهجري، ومع بداية القرن الخامس الهجري شهدت بلاد المغرب هجرة عربية كبرى هي الهجرة الهلالية التي ضمت قبائل عربية عديدة، ثم البربر الذين كانوا عنصرًا مهمًا غالبًا من سكان مراكش، وبخاصة الذين كانوا من قبائل صنهاجة، والمصامدة، وكل منهما عبارة عن مجموعة من القبائل، وضمت مراكش أقليات من سودانيين وصقالبة وروم وأتراك، وكان المرابطون والموحدون قد استخدموا بعض السودانيين في جيوشهم منذ عهد يوسف بن تاشفين، واستعملوا الجواري السودانيات في المنازل لمهارتهن في طبخ الطعام. وقد تحدث الكاتب عن الفئة الحاكمة في مراكش وفقهائها وعلمائها وأصحاب المهن فيها، وتحدث عن النساء في مراكش ومشاركتهن في الحياة العامة، كما تطرق الكاتب إلى أهل الذمة من النصارى واليهود الذين عاشوا في ظل التسامح الديني، ومن إجراءات علي ابن يوسف الوقائية أن حرّم على اليهود المبيت في مراكش، وسمح لهم العمل فيها نهارًا، والانصراف عنها ليلاً. وتناول مظاهر العمران والحياة العامة في مراكش، فتطرّق إلى مجالس العلم التي حرص أمراء المرابطين والموحدين على عقدها، ومجالس الوعظ والمجالس العامة التي كان يحضرها الأدباء والشعراء في قصور الأمراء. وختم مقالته بتوضيح أنشطة الاحتفالات الدينية والعسكرية والسياسية، وبيان أماكن الترفيه ووسائله في مدينة مراكش، ومنها الحديقة الكبرى بالمدينة التي أنشأها الخليفة عبدالمؤمن بن علي، والبرك والمتنزهات.
|