تناول الكاتب سيرة أحمد بن محمد بن مفرج المكنى بأبي العباس، مستهدفًا التعريف بحياته وإسهاماته الصيدلانية، وقد رجع لكتب التراجم والتاريخ التي تطرقت إلى أعماله. ولد هذا العالم في إشبيلية في عهد الموحدين، وقد كان محدثًا حافظًا ناقدًا، وكان له معرفة بالنباتات ومنابتها وتمييز الأعشاب وخصائصها ومنافعها ومضارها وكان يبيع العشب فيها، وقد ألف كتابًا بعنوان الرحلة النباتية عوّل عليه معاصره ابن البيطار في وضع موسوعته. ووصفه ابن أبي أصيبعة في طبقات الأطباء أنه قد أتقن علم النبات ومعرفة أشخاص الأدوية وقواها ومنافعها واختلاف أوصافها وتباين مواطنها، وقدم مصر والشام والعراق وعاين نباتات كثيرة في هذه البلاد مما لا ينبت في المغرب ونظرها في منابتها ومواضعها. وكان شغوفًا بالعلم كثير العناية بالكتب جماعًا لها عاكفًا على نسخها بنفسه. وقد تعدّدت مصنفاته فله : تفسير أسماء الأدوية المفردة من كتاب ديسقوريدس، وشرح حشائش ديسقوريدس وأدوية جالينوس والتنبيه على أوهام مترجميها، ومقالة في تركيب الأدوية، والتنبية على أغلاط الغافقي في أدويته، يضاف إليها تآليفه في علوم الحديث والفقه، وقد اندثرت كتبه، وحفظ لنا ابن البيطار في توثيقه لمصادره في كتابه الجامع لمفردات الأدوية والأغذية ما أخذ عن أبي العباس، وانتهى الكاتب إلى أنه من أعظم الصيادلة في تاريخ الحضارة العربية الإسلامية.
|