العنوان : علاج مجموعة من عملات
المؤلف : أ. د. عبد الناصر بن عبد الرحمن الزهراني التنصنيف : بحوث

منذ أن اخترع الليديون(1) أول عملة نقدية في القرن السابع قبل الميلاد(2)، والعملة تقوم بوظيفتها الأساسية كونها وسيطًا مقبولاً للتبادل(3). وتشكّل العملة نوعية مميزة من المواد الأثرية، ولا تشمل أهميتها الأثريين، والمؤرخين، ودارسي علم النمِّيات فحسب؛ بل لها أهميتها للمهتمين بتاريخ الفن، وباقتصاديات الدول القديمة، وبتقنيات الصناعات المعدنية، وللمرممين أيضًا. فعلى الرغم من صغر حجمها، فهي تمدُّنا بكثير من المعلومات بفضل ما تحمله من نماذج، وصور شخصية للحكام، أو الأباطرة، أو الأرباب، أو المعبودات، مصحوبة بأسمائهم وألقابهم، وما تحمله من نقوش وكتابات، يُستدل من خلالها على معلومات تاريخية مهمة. وقد تحمل صورًا لمبان قد اندثرت، واختفت معالمها، ما كنا لنعرف عناصرها المعمارية دون ظهورها على العملة. والعملة، باختلاف المواد التي صنعت منها، واختلاف أحجامها، وتباين فئاتها، تعد مقياسًا للمستوى الاقتصادي للدولة التي أصدرتها، من حيث الازدهار أو التدهور. كما كانت مجالاً واسعًا للدعاية السياسية للسلطات الحاكمة، لتداولها الواسع بين طبقات الشعب المختلفة. وكانت بما تحمله من صور ونماذج مرآةً للعقيدة، والفكر الديني في عصرها، كما تلقي الضوء على الأساليب التقنية والفنية في صناعتها وإخراجها(4). والعملات، بما يتكون عليها من الباتينا ونواتج الصدأ، أو ما يتراكم عليها من طبقات متكلسة من التربة، قد تكون مدفونة فيها، فتطمس ما عليها من نماذج وكتابات، تشكل تحديًا للمشتغلين بالترميم والصيانة؛ يتمثل في كيفية التوفيق بين اختيار تقنية ومواد العلاج المناسبة لإزالة ما عليها من نواتج صدأ وتكلسات، وكشف ما عليها من تفاصيل النماذج والكتابات دون أن تتعرض للتشوه. ومجموعة العملات موضوع الدراسة، وعددها خمسون قطعة (اللوحة رقم1)، كانت ضمن مجموعة من العملات، داخل جرة فخارية متوسطة الحجم عثر عليها في موقع الأخدود بمنطقة نجران جنوب المملكة العربية السعودية (الخريطة رقم1)، خلال موسم الحفائر عام 1430هـ/ 2010م. ويهدف هذا البحث إلى علاج مجموعة العملات وتنظيفها، بغرض كشف ما على أسطحها من نماذج ونقوش ذات أهمية تاريخية وفنية، والتعرف إلى مركبات الصدأ المتكونة على سطحها وعلاقتها بظروف التآكل والصدأ، والوقوف على أسبابها؛ حتى يتسنى تجنبها مستقبلاً عند عرضها أو تخزينها، وكذلك التعرف إلى نوعية الفلز أو السبيكة التي صنعت منها، أو الفلزات المكونة للسبيكة، ونسبة هذه المكونات، ومحاولة قراءة ما عليها من نقوش وتفسيرها، مما قد يسهم في تأصيلها تاريخيًا أو تأريخها.

البحث فى المجلة