دراسة لعلم الدلالة ونظرياته بهدف التعريف بها والتوضيح لها ولمنهج علم الدلالة ولمدخل المكوّن الدلالي وللنظرية المعيارية، وقد رجع الكاتب إلى الدراسات الدلالية وإلى كتابات عبدالقاهر الجرجاني في دلائل الإعجاز خاصة. واستهل بتناول تطور علم الدلالة وإسهام عدد من النظريات في إثرائه وفي مقدمتها النظرية التوليدية، وعرض لتعريف علم الدلالة بوصفه دراسة للمعنى، وقد أشار (جون ليونز) إلى أن مصطلح ( المعنى) ذاته يتضمن معاني عديدة. ويأخذ البحث في علم الدلالة اتجاهين : أولهما تنظيري ويتضمن بالإضافة إلى طرق البحث اللساني طرق البحث عند الفيلسوف والمنطقي ورجل الدين والأديب، إلخ. ويمكن لكل منهم أن يعطي تفسيرًا لكلمة (معنى) ، كل حسب اختصاصه واهتمامه، وثانيهما تجريبي يقوم على الفصل بين الجملة والسياق الذي قيلت فيه، وبين المتكلم وبين ما يريد أن يعبر عنه حين يستعمل هذه الكلمة في عدة جمل، ويفيد ما سبق ذكره الربط بين ثلاثة عناصر: الجملة، والسياق، ومقاصد المتكلم، ومن هذا المنطلق فإن المعنى يساوي الجملة مضافًا إليها السياق ومقاصد المتكلم، إلا أن القواعد التوليدية تقدم من خلال منهجيتها تعريفًا أكثر دقة وتفصيلاً. ثم تناول الكاتب المكوِّن الدلالي في النظرية المعيارية بوصفه مكونًا تأويليًا، يقدّم تأويلاً معنويًا للجمل التي يولدها النحو. إن معنى الجملة يتعلق بمعنى الألفاظ التي تتضمنها مضافًا إليها البُنى النحوية التي تدخل فيها، ويرى (شومسكي) أن التأويل الدلالي لجملة ما يحدد بتحديد المضمون الدلالي الجوهري للروائز اللفظية، وبالطريقة التي تربط بها الألفاظ بعضها ببعض في مستوى البنية التحتية، وهكذا يفهم دور علم الدلالة المتمثل في الربط بين معنى الكلمات وبين العناصر الممثلة للدلالات في البُنى التحتية، اعتمادًا على تحديد معاني الكلمات عن طريق المعاجم، وعلى القواعد التي تربط بين الكلمات وبين البنية التحتية والتي سماها بعضهم بقواعد الإسقاط التي تقوم بعملية الدمج بين مختلف الرموز لإعطاء الجملة بنيتها الدلالية الخاصة بها. وتقوم النظرية المعيارية للقواعد التوليدية على أساس أن كل العناصر الضرورية للتأويل الدلالي توجد في البنية التحتية للجملة.
|