الاعداد السابقة
|
هدف الكاتب التعريف بالقضاء في الإسلام، وبتعيين القضاة ومهامهم وشؤونهم، وقد رجع إلى مصادر الموضوع، وسير القضاة، وأدب القضاء، والأحكام السلطانية. واستهل مقالته ببيان مكانة القضاء وأهميته في الفصل في الخصومات بين الناس حسمًا للتداعي وقطعًا للتنازع، ولما قامت دولة الإسلام صار الرسول صلى الله عليه وسلم يفصل في الخصومات بين الناس، ثم صار القضاء من بعده في عداد الوظائف الداخلة تحت سلطة الخليفة أو من ينيبه عنه، واستقضى أبو بكر عمر بن الخطاب، واستقضى عمر عليًا بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين، وجعل عمر على الأمصار والولايات قضاة ينظرون في الخصومات، وكان القضاء في الأمصار منوطًا بالولاة، حتى كانت خلافة عمر فجعله مستقلاً عن نظر الوالي، وعيّن له قاضيًا، ومع استقلال القضاء عن نظر الوالي، فإن تقليد القضاء في الولايات كان يتم في الغالب عن طريق الولاة بتفويض لهم، وكان الخليفة يعيّن القاضي في حاضرة الخلافة، وكان أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم أول من دعي بقاضي القضاة في الإسلام في ولاية موسى الهادي، ثم أقره الرشيد عليه. ومن حيث اختصاصات القاضي فقد كانت في العهد الراشدي مقصورة على الفصل في الخصومات المدنية، أما القصاص والحدود فكان يرجع في أمرها إلى الخلفاء وولاة الأمصار، ثم تطورت مهام القاضي لتشمل فيما بعد النظر في أموال اليتامى، والإشراف على الصدقات، والحجر على السفيه والمبذر واليتيم والمجنون، والإشراف على أوقاف المسلمين، ومقابلة الشهود. وتناول الكاتب تطور أعمال القاضي من الناحية الإدارية، ثم أصول القضاء في الأحكام إذ كان القضاة يرجعون في الفصل في الخصومات إلى كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ويستنبطون الأحكام، ويستفتون ويفتون. ومنذ النصف الثاني من القرن الثاني الهجري أخذت تتضح معالم مناهج الاجتهاد، ومع ظهور مذاهب الفقه، أخذت تؤثر في القضاء واختياراته. ثم ناقش رعاية الدولة للقضاء، واستقلال القضاء ونزاهته، وانتهى إلى أن القضاء كان ضعيف الصلة بالسياسة والإدارة، وثيق الصلة بالناس، وبالفقه ودراسته المتعمقة.
|
|