الاعداد السابقة
|
تناولت الدراسة وصف مظاهر الحج في التراث العربي القديم، وكانت مناسك الحج ومشاعره قد انتقلت إليهم من الحنيفية التي دعا إليها إبراهيم عليه السلام، ولقد دخلها من آثار الشرك والمشركين مادخلها، غير أنهم ظلوا مستمسكين بأكثر سننها ومراعاة حرمتها. وكان الحج عند العرب الجاهليين يبدأ بوقوفهم في عرفات وتجمعهم هناك أصيل اليوم التاسع من ذي الحجة ويظلون هناك طوال اليوم يلبون متعبدين، وقيل عرّفَ الناسُ إذا شهدوا عرفات عند الحج. وفي المصادر القديمة ما يفيد أن القبائل العربية في حجها ووقوفها بعرفات لم تكن تقف كلها في مكان واحد، وإنما خصِّص لكل قبيلة موقف محدّد تقف فيه، واستمرت هذه المواقف حتى بعد فتح مكة، وعمل الإسلام على توحيد المنازل التي كانت تنزلها القبائل، أما قريش وأهل مكة خاصة فلم يكونوا يقفون بعرفات كسائر العرب، وإنما كانوا يلزمون أنصاب الحرم في نمرة قرب المزدلفة، لأنهم عدوا أنفسهم أهل الحرم، وليس ينبغي لهم أن يخرجوا من الحرمة، أو أن يعظموا غيرها مثلها، وذكر العرب جبلاً بعرفات هو جبل إلال وقصدوا به عرفات كلها. وبعد الإفاضة من عرفات كان الحجاج الجاهليون يجتمعون كلهم بالمزدلفة التي تقع بين عرفات ومنى على منتصف الطريق فيبيت الجميع ليلة العاشر من ذي الحجة، وفي لفظ المزدلفة معنى الاجتماع والاقتراب. ولم يخلُ الشعر الجاهلي من الإشارة إلى المزدلفة والإفاضة منها إلى منى التي سميت هكذا لما يُمنَى منها من الدماء. وتنص الأخبار والروايات على أن رمي الجمار كان من شعائر ديانة إبراهيم عليه السلام، وكان الحجاج يتعجلون للعودة إلى ديارهم بعد الانتهاء من رمي الجمرات. وهكذا فإن الأشعار والأخبار القديمة قد حفلت بالمعلومات عن مظاهر الحج في الجاهلية.
|
|