الاعداد السابقة
|
درس الباحث نشأة الحركة العلمية بمكة المكرمة في العصر الأموي ومظاهرها، فمكة المكرمة كانت أرقى مراكز الاستقرار الحضري في الجزيرة العربية قبل الإسلام لمكانتها الدينية وعلاقاتها التجارية. وكان انتشار القراءة والكتابة بين أهل مكة المكرمة أكثر من انتشارها في مدن الجزيرة العربية وقبائلها الأخرى . وفي العهد الإسلامي أصبحت المدينة المنورة مركز القوة والسياسة والعلم في الجزيرة العربية، وأخذ من أسلم في مكة المكرمة بالهجرة إليها. وعندما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة استعمل عتابًا بن أسيد واليًا عليها، وعهد إلى معاذ بن جبل الأنصاري أن يقوم بتعليم أهلها القرآن والفقه في الدين، وتمخض عن فتح مكة ودخول أهلها في الإسلام أن قويت الصلات بين المسلمين في المدينة وإخوانهم في مكة. وفي العهدين النبوي والراشدي كان هناك نشاط علمي يرتكز بصفة خاصة على قراءة القرآن ومعرفة السنة، وكان من أوائل المكيين الذين لهم إسهام في الحركة العلمية عبدالله بن عباس، وعبدالله بن السائب المخزومي المتوفَّى سنة 68هـ، ونافع بن ظريب بن عمرو بن نوفل، وعبيد بن عمير بن قتادة الليثي، وكان لعبدالله بن عباس وعبيد بن عمير حلقة في المسجد الحرام، والذين أخذوا العلم من عبيد هم وجوه أصحاب ابن عباس مثل عطاء بن رباح ومجاهد بن جبر وعمرو بن دينار، وكانت مكانة ابن عباس العلمية لا تدانيها مكانة أي شخص آخر في مكة المكرمة، وشملت اهتماماته العلمية الفقه وتاريخ الانبياء وسيرة الرسول صلى الله عليه وسلم. ومن النساء اللواتي أسهمن في الحركة العلمية وخاصة رواية الحديث صفية بنت شيبة بن عثمان بن أبي طلحة من بني عبدالدار، ووصفها الذهبي بالفقيهة العالمة، وتشير مشاركة صفية في الحركة العلمية إلى الأثر الإيجابي للمرأة في الإسلام، وهناك عدد آخر من الصحابيات والتابعيات المكيات اللائي روين الحديث. وشملت العلوم التي عني بها معرفة السنن والفريضة وتلاوة القرآن والمواريث واللغة العربية، بالإضافــــة إلى الأنساب والأخبـــار وأيــــام العرب والشعر والمغازي. وقد توسعت الدراسات القرآنية والدراسات الفقهية ورواية الحديث.
|
|