دراسة لماضي المكتبات وحاضرها ودورها المرتقب، هدف كابتها إلى توضيح خلفية ظهورها بوصفها ظاهرة حضارية، وتطورها في العالم الإسلامي، والعقبات التي واجهتها، ووضعها المعاصر، وما يمكن لها أن تقدمه لخدمة البحث والباحثين، وقد استهل الكاتب بتناول اختراع الكتابة وأهميته بوصف الكتابة حجر الأساس في بناء الحضارة، ولم توجد المكتبات في بلاد معينة إلا نتيجة لوجود أناس عرفوا الكتابة وموادها وكان لهم نتاج فكري حرصوا على اقتنائه وتداوله، ففي بلاد اليونان لم تعرف المكتبات إلا ابتداء من القرن الخامس قبل الميلاد بوصفها أثرًا من آثار النهضة الفكرية والفلسفية، ولتدفق أوراق البردي المصري على بلاد اليونان؛ وفي بلاد الرومان لم توجد الكتب والمكتبات إلا عندما بدأت الثقافة اليونانية وكتبها وورق البردي تقتحم على الرومان أبوابهم في القرن الثاني قبل الميلاد؛ وكان القرن الأول الهجري فترة الحضانة بالنسبة لتاريخ الكتب والمكتبات الإسلامية، حيث توافرت فيه المواد التي تصلح لأن تكتب فيها الكتب، وفيه كثرت أعداد الكتاب، وفيه وجد التراث الخالد الذي حرص المسلمون على جمعه وتناقله والحفاظ عليه متمثلاً في أصلي الشريعة الإسلامية: كتاب الله تعالى، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وكانت النشأة الأولى للمكتبات الإسلامية خلال هذا القرن الذي شهد حركة التأليف العربية ومجالس الاستملاء، ودخول صناعة الورق بغداد في زمن الرشيد، وصناعة الوراقة أي النسخ والتصحيح والتجليد وسائر الأمور المكتبية والدواوين، وكان في بغداد أكثر من مئة حانوت للوراقين في النصف الثاني من القرن الثالث الهجري؛ وقد تناول الكاتب وضع المكتبات الإسلامية في العصور الوسطى، حيث بدأت تتزايد منذ القرن الثاني للهجرة وشملت كل أنواع المكتبات التي يتباهى بها العصر الحديث، وكانت زاخرة بالتراث، وقد عصفت بكنوزها الفتن والثورات والحروب وهجمات المغول والصليبيين؛ ثم تحدث عن النهضة الحديثة التي تعيشها المكتبات العربية لانتشار التعليم وازدهار الطباعة والنشر وتقدم تقنياتها؛ وتطرق إلى ما تواجهه المكتبات العربية من تحديات أمام الصحافة والتلفاز والإذاعة وأوضاع نظم التعليم، وخلص إلى أن مكتباتنا لن تفلح إلا إذا جعلت حاضرها امتدادًا لماضيها وأفادت من المنجزات والتقنيات المعاصرة.