الاعداد السابقة
|
تعد وظائف القضاء ومناصب القضاة من أهم الوظائف في الدولة العثمانية - بصفة عامة - وما قبلها من دوشل إسلامية قامت ثم دالت، ذلك أن القضاة هم الحراس على أحكام الشرع الحنيف يقضون بها ويضعونها موضع التنفيذ، ويلوذ بهم ذوو الحقوق المهضومة من أجل الحصول على حقوقهم، كذلك أنيطت بهم بعض المهام الأخرى في كل قطر تقلدوا فيه هذا المنصب الخطير. ونظراً لمكانة مكة المكرمة في نفوس المسلمين بعامة، حيث بيت الله الحرام أطهر بقعة على وجه الأرض، وما تتمتع به من منزلة رفيعة وأهمية كبيرة لدى الدولة العثمانية بخاصة؛ مما جعلها تولي مكة المكرمة عناية خاصة، وذلك لارتباط المكانة الإسلامية للدولة العثمانية بالسيادة على الحرمين الشريفين والعناية والاهتمام بهما. وكان من أبرز أوجه الاهتمام هو العناية بقضاة مكة المكرمة، حيث أصبح القاضي أحد أربعة - بجانب والي الحجاز وشريف مكة ومحافظ جدة - يجسدون أو يمثلون السلطة والسيادة العثمانية على إقليم الحجاز، ومن ثم أنيطت بالقضاة مهام كثيرة وخطيرة خلال هذا القرن، فضلاً عن الدور السياسي والرقابي الذي قاموا به، مما أسهم بشكل كبير في استقرار الحياة الدينية والاجتماعية والسياسية في مكة المكرمة. لكل ذلك بالإضافة إلى توافر الوثائق الخاصة بقضاة مكة في هذه المرحلة التاريخية في أرشيف دار الوثائق القومية بالقاهرة، اتجهت إلى كتابة هذا البحث وجعلته تحت عنوان: "قضاة مكة المكرمة إبان الفترة (1220-1266هـ/ 1805-1848م) دراسة وثائقية من واقع أرشيف دار الوثائق القومية بمصر"، بهدف محاولة الكشف وإماطة اللثام عن صورة من صور نظم الحضارة الإسلامية في مكة المكرمة في العصور المتأخرة.
|
|