الاعداد السابقة
|
درس الباحث معالجة الألوان في شعر عنترة العبسي ودلالة اللون في الشعر الجاهلي وعلاقاته، وقد رجع لديوان شعر عنترة والدراسات النقدية التي تناولت الشعر الجاهلي والصورة الفنية فيه.
وقد استُهلت الدراسة بمناقشة أهمية اللون في الشعر الجاهلي، وأشير إلى أن الإحساس باللون عند الشاعر الجاهلي له انعكاسات نفسية تشير إلى مواقفه من قضايا خاصة لها علاقتها المباشرة أو غير المباشرة بواقعه الاجتماعي والسياسي. والشاعر الجاهلي كلف بالألوان وأكثر الألوان ورودًا عنده الأبيض فالأسود فالأخضر فالأحمر، ويميل الشاعر إلى مزج الألوان المتناقضة كالأبيض والأسود، وهو يسقط على اللون ما في نفسه من معان، وقد يكرر استخدام لون ما بشكل يومئ إلى وجود علاقة بين هذا الاستخدام والمدلولات النفسية والاجتماعية. فعنترة كان يعيش صراعًا مع قبيلته من خلال مأساة اللون التي جعلت منه شخصًا منبوذًا في قبيلته، وغير مرغوب فيه عند أقرب الناس إليه، فحاول الخروج من واقعه الصعب إلى وضع من التوازن يعاد فيه إليه احترامه، فجاء حديثه عن اللون وفق أولوية نفسية تفرض عليه أن يجعل منه محور حديثه وجوهر عمله، وقد وجد الباحث أن عنترة قد دفع باللون الأسود، ليكون اللون البارز في شعره، وهو يريد بذلك مواجهة المشكلة، وتحدي الواقع الاجتماعي والقيم السائدة، وهو ينتقل باللون من نقصه الظاهر في عيون الناس إلى كماله الباطن في تجلياته المعنوية. وقد استخدم عنترة أسلوب الحوار والإقناع، ولجأ إلى تناول الأمور وفق مفاهيم منطقية، تجعل له قدرة على امتلاك زمام الأمور والوصول إلى النتائج التي يبغيها. فالسواد لا يعيب صاحبه؛ لأنه لا يتنافى بذاته مع القيم والأخلاق، كما أن البياض لا يعطي أفضلية لصاحبه؛ لأنه يتوافق بذاته مع القيم والأخلاق، وإنما الأفضلية لفعال الشخص وسلوكه.
|
|