الاعداد السابقة
|
تناول الكاتب المسجد الأموي في تاريخ دمشق، وذكر فضلها وتسمية من حلها من الأماثل، واجتاز بنواحيها من وارديها وأهلها، لأبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عبدالله بن الحسين المعروف بابن عساكر، ويقع في ثمانين مجلدًا، واقتصر النظر في هذه المقالة في المجلد الثاني المشتمل على خطط دمشق، وذكر مساجدها، وأبوابها، ودورها، وأنهارها، وأفنيتها. وقد عالج الكاتب مادة هذا المجلد حول المسجد الأموي التي امتزجت فيها الحقيقة بالأسطورة، وهدف إلى عرض أسلوب كتاب التاريخ والرواية التي كانت سائدة في كتابات مؤرخي المسلمين في تلك الأزمان، من غير أن يتصدّى لتقويمه بالمقاييس الحديثة. واختار الكاتب المسجد الأموي بصفة خاصة لكي يبين بالدليل الفرق بين الحقيقة والأسطورة فيما جاء عنه في تاريخ ابن عساكر، ذلك أن هذا الجامع هو المسجد الوحيد بمدينة دمشق الذي ما يزال باقيًا على حالته الأولى منذ إنشائه سنة 86هـ حتى الآن، وقد أولاه ابن عساكر اهتمامًا خاصًا، فقد بدأ به تاريخ مدينة دمشق، فعقد له سبعة أبواب ذكر فيها شرفه وفضله، وبناءه وأخباره. وقدّم الباحث لدراسة المسجد بدراسة موجزة لمدينة دمشق، ثم ناقش ما ورد عن المسجد الأموي في الأبواب السبعة المشار إليها آنفًا والموسومة بالعناوين الآتية: ذكر شرف المسجد الجامع بدمشق، وفضله، وقول من قال: إنه لا يوجد في الأقطار مثله، ومعرفة ما ذكر من الأمر الشائع من هدم الوليد بقية كنيسة يوحنا وإدخاله إياها في الجامع، وما ذكر في بنائه واختيار بانيه موضعه على سائر المواضع، وكيفية ما رُخِّم وزُوِّق، ومعرفة كمية المال الذي عليه أنفق، وذكر موافقة عمر بن عبدالعزيز على رد كنيسة النصارى إليهم حين قاموا في طلبها، وذكر ما كان في الجامع من القناديل والآلات، ومعرفة ما عمل فيه وفي البلد بأسره من الطلسمات التي يحكى أنها تقي المسجد من الحشرات، وما ورد في أمر السُّبْع، وكيف كان ابتداء الحضور فيه والجمع، والمقصود هو السبع من القرآن الكريم، ثم كيف أصبح اسم علم يطلق على المكان الذي يقرأ فيه السُّبْع في المسجد. وقد أصبح المسجد الأموي في عهد عبدالملك بن مروان أول مسجد رسمي اتُّخذ مكانًا للدرس. واستنتج الباحث أن ما أورده ابن عساكر عن شرف المسجد وفضله معتمد على قصص غير حقيقية لم يتثبت من صحتها، لكن ما أورده عن بناء المسجد وقصة الكنيسة كان صحيحًا، وما أورده عن رخام المسجد ونفقات بنائه قد تراوح بين الخيال والحقيقة، وأن ما كتب عن عدل عمر ابن عبدالعزيز مع النصارى لم يسلم من الغمز، وأن روايات ابن عساكر عما كان في المسجد من القناديل والآلات صحيحة في معظمها، وأن الطلسمات الواقية من الحشرات في المسجد وإن كانت خرافة إلا أنها كانت موجودة ظاهرة في المساجد الأخرى كالجامع الأزهر بالقاهرة.
|
|