الاعداد السابقة
|
من المعروف أن دراسة الأحداث التاريخية وتحليلها وتفسيرها والبحث عن أسبابها ونتائجها لا يتأتى إلا من خلال منهجية علمية تعتمد على تدقيق الروايات، والتأكد من صحتها، ومعرفة الظروف المحيطة بالحدث، والعوامل المؤثرة فيه سواء كانت دينية أو سياسية أو اقتصادية، ومما يلحظ على بعض الدراسات الحديثة الخاصة بالتاريخ الإسلامي أن أصحابها اجتهدوا في تفسير الأحداث وتحليلها، ومعرفة العوامل المؤثرة فيها وخاصة العوامل السياسية والاقتصادية منها، وعلى الرغم من واقعية بعض هذه الدراسات وجودتها، إلا أن الملحوظ عدم التفاتها إلى عوامل أخرى مؤثرة في الحدث لا تقل أهمية - إن لم تكن أهميتها أكبر - من العوامل السياسية والاقتصادية، ويأتي في مقدمتها العوامل الدينية وتأثير النصوص الشرعية والقيم السائدة على المواقف والأحداث خاصة في العهد الإسلامي المبكر؛ مما يجعل النتائج التي تتوصل إليها هذه الدراسات لا تعكس الواقع الذي يطمح أصحابها إلى الوصول إليه. إن العهد الأموي - وخاصة أوله "العهد السفياني" - حديث عهد، ووثيق صلة بالعهدين النبوي والراشدي، بل هو في الواقع امتداد لهما، وقد عاش في تلك الفترة عدد من الصحابة وكبار التابعين، وكانت النصوص الشرعية -خاصة تلك المتعلقة بالجوانب السياسية ونظام الحكم، التي تحدد العلاقة بين الحاكم والمحكوم - بينهم غضة طرية ذات أثر واضح في المواقف والأحداث(1).
|
|