الاعداد السابقة
|
تناول الكاتب بعض مظاهر العناية بتراثنا العربي الفكري والفني والحضاري، واستهل ببيان تواصل هذا التراث وبحثه من جانب العلماء والأدباء الذين خلفوا لنا نثرًا وشعرًا وعلمًا وفنًا، وأرباب المكتبات العامة وأصحاب المكتبات الخاصة من ملوك وأمراء وأثرياء وعلماء، ومما يوضح على سبيل المثال وفرة الكتب في هذه المكتبات أنّ بيت الحكمة الذي أسسه الخليفة المأمون ببغداد قد اشتمل على أربع مئة ألف كتاب، وكان في دار الحكمة التي أنشأها الخليفة الفاطمي العزيز بالله في القاهرة أكثر من مليون ونصف المليون كتاب، وكان للعرب في الأندلس سبعون مكتبة عامة من بينها مكتبة قرطبة التي ضمت نحو نصف مليون كتاب، وكان في مكتبة الخليفة الأموي الحكم الثاني بقرطبة ستمئة ألف كتاب، وفيها أربعة وأربعون مجلدًا للفهارس وحدها. وقد جمعت مكتبة منصور بن نوح الساماني أمير بخارى نحو مليون ونصف المليون كتاب، واشتملت مكتبة طرابلس الشام على نحو ثلاثة ملايين كتاب. وقد ضمت المخطوطات في المكتبات العامة والخاصة علومًا شتى شملت النحو والصرف والبلاغة والتفسير والحديث وعلم الكلام والفلسفة والتاريخ والتراجم والجغرافية والرياضيات والموسيقا والطب، وقد سلم الكثير من المخطوطات من الدمار والتلف، وانتشرت مجموعاتها في المكتبات العربية والأوربية، وممن ساعد على تواصل التراث طائفة النساخ الذي نهضوا بأعباء النسخ محافظين على جمال الخط ودقة النقل، وكان كثير من النساخ من العلماء والأدباء والقضاة، ومن النساخ والخطاطين المشهورين أبو علي محمد بن علي بن الحسين المعروف بابن مقلة، وأبو سعيد السيرافي النحوي، وعلي بن هلال المعروف بابن البواب، كما عني بالتراث المحققون والمفهرسون في عصرنا الحاضر أمثال أحمد تيمور، وأحمد زكي، وأحمد محمد شاكر، ومحمود محمد شاكر، وعبدالسلام هارون، وأحمد راتب النفاخ. وقد ترجم الكثير من التراث العربي إلى اللغات الأوربية منذ القرن الثاني عشر، وبعث نهضتها العلمية والتقنية.
|
|