تتناول المقالة منازل ثماني قبائل عربية في شمال الحجاز في العصر الأموي وأحوالها الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، ويهدف كاتبها إلى تحديد المواقع الجغرافية التي سكنتها قبائل جهينة، وبلي، وبنو ضمرة، وخزاعة، وبنو غدارة، وغطفان، وجذام، وكلب في شمال الحجاز، واستكشاف علاقاتها وخصائصها. وقد بدأ بعرض الدراسات السابقة المتصلة بالموضوع، وبخاصة دراسات صالح العلي، وعبدالله بن محمد السيف، وسعد الراشد، وعبدالله الوهيبي، وحمد الجاسر، واستند على ماورد في الشعر، وعلى ما سجلته الكتب والأبحاث التاريخية وما توصلت إليه الحفريات الأثرية الحديثة؛ ودرس حياة القبائل العربية سابقة الذكر وتوطّنها في شمال الحجاز وأهم حواضرها، ومعالم البناء والعمران والآبار والبساتين والأسواق والبضائع التي استُدلّ عليها من الفخاريات والأسرجة ومواد البناء وغيرها من الآثار المكتشفة. وثم عرض أهم ما توصل إليه حول استقرار القبائل العربية المدروسة في ثلاثة نطاقات جغرافية، امتد الأول منها على الساحل الشمالي للبحر الأحمر، وامتدّ الثاني منها في الطرف الشمالي لهذه المنطقة، في حين وقع الثالث منها في الأجزاء الداخلية من شمال الحجاز محصورًا بين النطاقين الجغرافيين السابقين، وكان فيه واحات وحركة زراعية وكثافة سكانية وأنشطة ثقافية واقتصادية مزدهرة. وقد كان لهذه النطاقات الجغرافية الثلاثة أثر تكاملي فيما بينها أدى إلى انتعاش اقتصاد المنطقة بكاملها خلال العصر الأموي، وقد استمر هذا الوضع الاستيطاني بشمال الحجاز بعد العصر الأموي دون تغيير كبير حتى بداية القرن السادس الهجري.