الاعداد السابقة
|
بحث الكاتب قضية التناسب في الشعر، ونظرة نقاد القرن الرابع الهجري إليه، والتناسب لغة يعني المشاكلة والتوافق، وهو مقياس جمالي يأخذ في الحسبان التناسب في جودة القصيدة أو مجموع القصائد، والتناسب في الشكل. من حيث التناسب في الجودة فيقصد منه أن تكون جميع قصائد الشاعر على مستوى متماثل في الإتقان، وأن تكون أبيات القصيدة من قصائده مستوية غير متفاوتة في الجودة، ثم أن يكون البيت الواحد من أبيات شعره على مستوى واحد من الحسن لا اختلاف بين شطريه. ومن حيث التناسب بين مجموع قصائد الشاعر فقد يطرأ عليه اختلاف نتيجة لحالات نفسية غامضة، علاوة على الموهبة والطبع، وكان ابن قتيبة يرى الاختلاف في مستويات جودة شعر الشاعر أمرًا طبيعيًا. وكانت مسألة الإتقان في مجموع القصائد سببًا لانقسام النقاد بحسب انتصارهم لأبي تمام أو إعجابهم بطريقة البحتري، الذي يرى أنصاره أن التناسب أو الاستواء مقياس لتقديم الشاعر على غيره، سواء كان ذلك متعلقًا بمجموع شعر الشاعر أم بأبيات القصيدة الواحدة، وأما أنصار أبي تمام فلا يرون العبرة إلا بالجيد، لذلك فإنهم لا يعدون استواء شعر البحتري واختلاف شعر أبي تمام سببًا لتقديم الأول على الثاني. ويتناول الباقلاني المسألة ويرى أن الاستواء خاص بالقرآن الكريم، وهو غير ممكن في كلام المخلوقين. ومن حيث التناسب بين أبيات القصيدة الواحدة فيرى الأصمعي أن التعاون بين أبيات القصيدة الواحدة من دلائل الطبع والبعد عن التكلف، لكن الآمدي يرجع ذلك إلى الصنعة، ومن حيث التناسب في الشكل فقدم نقاد القرن الرابع الهجري عدة آراء لتحقيقه، وأما التناسب داخل البيت الواحد من القصيدة فقد رأى النقاد وجود التوافق بين أجزاء البيت الواحد عن طريق حسن التأليف وتشبث الكلام بعضه ببعض وتعلق كل لفظة بما يليها واختيارها بقدر ما توفره من توافق وتجانس
|
|