الاعداد السابقة
|
أعلى الإسلام من قدر الإنسان في خلق الله له في أحسن تقويم، وجعله خليفة في الأرض، وفي قدراته وملكاته واستعداداته، وفي مسئوليته عن عمله، وعدم مؤاخذته بجريرة غيره، ولم تعرف البشرية قبل الإسلام جماعة إنسانية تتكون بوازع العقيدة وحدها، وتمثل نموذجًا مثاليًا للاجتماع الإنساني، سما بالنوع الإنساني حتى يكون أهلاً لشرف التكليف بعبادة الله تعالى، ويقوم هذا التسامي على قاعدتين: وحدة أصل الإنسان، ووحدة الغاية التي خُلق لأجلها؛ والجماعة المسلمة مفتوحة لكل إنسان يتوافر فيه مفهوم القاعدتين سالفتي الذكر، وبحكم وحدة أصل الإنسان ومساواة بني الإنسان جميعًا على اختلاف الأصل واللون واللغة والجنس، فإنهم جميعًا مدعوون للالتحاق بهذه الجماعة وشرط هذا الالتحاق هو الإيمان؛ وحيث يوجد هؤلاء المؤمنون فإنهم جماعة واحدة، أخوة، وعرفت الإنسانية بهذه الجماعة الإسلامية مفهوم الدولة العقدية التي انضوت تحت علمها أمم شتى هجرت رابطة العرق والوطن إلى رابطة الدين والإيمان، وظلت دولة الإسلام قوية ما بقيت هذه الرابطة الإيمانية، ومع مرّ الوقت تمزّقت دار الإسلام وثارت ريح الجاهلية بعاداتها وتقاليدها وغزواتها وسالبها ومسلوبها وظالمها ومظلومها، وكانت الحاجة ماسة لظهور المصلح الشيخ محمد بن عبدالوهاب، فأعلن الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والتف حوله كثير من الناس فبذل جهده في تعليمهم أمور دينهم، وإِذْ توافرت له الجماعة التي تلتقي معه في مفهوم العقيدة الصحيحة القائمة على التوحيد الحق والاتباع الكامل لرسول الله صلى الله عليه وسلم، واجه الانحرافات في العقيدة بعزيمة لتغيير المنكر، ثم كان لقاؤه مع أمير الدرعية الإمام محمد بن سعود الذي ناصره في دعوته السلفية، وهذه الجماعة المرافقة للشيخ إلى الدرعية كونت الجماعة المسلمة التي تجمعها العقيدة وحدها؛ والتي استنار وجدانها بالتوحيد الخالص،والاتباع الأمين لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
|
|