الاعداد السابقة
|
تمدّنا دراسة النقوش القديمة بالمعرفة التاريخية، وبخاصة النقوش العربية القديمة التي انتشرت في مناطق متعددة من شبه الجزيرة العربية، والعراق، وسوريا، والأردن. وتناولتها هذه الدراسة؛ لأنها ما زالت بعدُ بحاجة إلى المزيد من البحوث التي تعالجها لتفسير ما يكتنف بعض جوانبها من غموض. وألقى الباحث الضوء على ماهية النقوش التي دونت بها العبارات المسجلة على قطعتين من الحجر الجيري اللتين عثر عليهما في أراضي المملكة العربية السعودية. ويتفق المؤرخون على أن التدوين والكتابة دليل على مدى النضج العقلي والتقدم الثقافي؛ فالإنسان على مرّ العصور قد اتسعت مداركه ونطاق احتياجاته وعلاقاته، فاتجه إلى التعبير عما لديه من أفكار ومشاعر بنقوش ورسوم تخطيطية سجلها على وسائل شتى، ومع تواصل تطوره العقلي وتقدمه الحضاري ازدادت رغبته في تدوين أعماله ومعتقداته وأفكاره باستخدام رموز وإشارات أخذ يطورها بالتدريج حتى وصل إلى مرتبة الكتابة التصويرية ثم إلى الحروف الهجائية. والثابت أن الكتابة في شبه الجزيرة العربية كانت معروفة عند العرب القدماء قبل ظهور الإسلام بمدة طويلة، وكان أشهر أنواع تلك الكتابة كتابة أهل حمير المعروفة باسم الخط المسند، ثم عثر على كتابات أخرى في شمال الحجاز أحدث عهدًا من كتابة أهل حمير، ومنها الكتابات الثمودية، واللحيانية، والصفوية. ويركز على تناول الكتابة الصفوية التي تعدّ أقرب الكتابات العربية القديمة إلى اللغة العربية الفصحى. وتُنسب الكتابة الصفوية إلى منطقة تلول الصفا (الصفاة) الواقعة إلى الشمال من جبال حوران في شرق الشام، وتغطي أرضها صخور سوداء. وأطلق المستشرق (هالفي) مسمّى الكتابة الصفوية على هذه الكتابة، وعثر على قطع حجرية دونت عليها هذه الكتابة في جنوب شرقي دمشق، والأراضي الممتدة بمحاذاة خط أنابيب البترول المتوقف، وفي منطقة الصالحية، والمنطقة الغربية من بادية العراق، وكذلك في شمال الحجاز، وبعض المواقع في الأردن. واستخدم مصطلح الكتابة الصفوية لما عثر عليه من الكتابات في هذه المنطقة مما يرجع إلى المدة الممتد بين القرن الأول قبل الميلاد ومنتصف القرن الرابع الميلادي. وتناول الكاتب حروف الكتابة الصفوية وعددها 28 حرفًا شبيهة بخط المسند، واكتشافها، واتجاه تسجيلها، وموضوعات التدوين بها، ومواد تسجيلها، وأصحابها، وخصائصها اللغوية.
99. بروكس، كلنث
لغة المفارقة/ بقلم كلنث بروكس ؛ ترجمة محمد منصور أبا حسين. - س16، ع2 (المحرم/ ربيع الأول 1411، أغسطس/ أكتوبر 1990) . ص 170- 193.- 14. استشهادًا مرجعيًا.
تطرح هذه الدراسة تحليلاً تطبيقيًا للمفارقة على بعض النماذج الشعرية الإنجليزية التي يروم من خلالها الكاتب استبصار أهمية المفارقة بوصفها أساس اللغة الشاعرة لا مجرد محسِّن بديعي. وللفائدة، فقد أردف المترجم الدراسة بالتعليقات اللازمة، وعرَّف بالأسماء، وأشار إلى مظانّ النصوص الشعرية الواردة في هذه الدراسة. وتعد المفارقة لغة الفكر والرصانة والبراعة وسرعة الخاطر، وهي لغة ملائمة للشعر، والحقيقة التي يعبر عنها الشاعر لا يمكن فهمها إلا من خلال المفارقة. وقد استهل الكاتب بشعر ( وليم ورذرورث)، ورأى أن قصائده النموذجية قائمة على نوع من المفارقة التي لا تكتفي بتأسيس القصيدة، وإنما تخبر عنها وتمنحها شكلاً جوهريًا، وتوقف الكاتب عند قصيدته (على جسر وست منستر) فهي تكتسب قوتها من المفارقة التي تنبثق من خلالها القصيدة، فالمتكلم (الشاعر) في الحقيقة قد بغتته الدهشة، واستطاع أن ينقل شيئًا من دهشته إلى القصيدة، إنه لا يتصوّر أن في مقدور المدينة التي يصفها في قصيدته أن تتّشح بجمال الصباح كما يحدث ذلك لجبل مونت بلانك، وسنودن التي يبدو اتّشاحها بجمال الصباح أمرًا طبيعيًا، أما أن يحدث ذلك لمدينة لندن القذرة المحمومة فأمر غريب بالنسبة إلى الشاعر الذي يصور لحظة التعجب الذاهل في الصباح. والمدينة وقت رؤيته الصباحية لها قد استحقت أن ينظر إليها بوصفها كائنًا عضويًا وليس شيئًا آليًا فحسب، فلندن التي أنشأها الإنسان هي أيضًا جزء من الطبيعة، مضاءة بشمس الطبيعة، ومشرقة بجمال ذاتها، ونصف منازلها النائمة. وهو ينزع إلى جعلها في عداد الأموات، وفي اللحظة التي يرى الشاعر فيها المدينة في مظهر الموت، يتمكّن من وصفها بالكائن الحي الذي يَختلج بالحياة العضوية للطبيعة، مما يعكس وعي (وردزورث) بأهمية المفارقة. ثم تناول الكاتب نماذج شعرية لغيره من الشعراء. وليعرض صورة أخرى للمفارقة التي تتكئ على السخرية أكثر من اعتمادها على الدهشة، أضاف الكاتب أن المفارقة نابعة من طبيعة لغة الشاعر التي تمارس فيها الإيحاءات دورًا دلاليًا فعّالاً.
|
|