الاعداد السابقة
|
تناولت المقالة الشورى في الجزيرة العربية قبل الإسلام للتعريف بوضع الشورى عند مجتمع الجزيرة القبلي. وقد رجع الكاتب إلى المصادر التاريخية التي تطرقت إلى الموضوع، واستهل بتوضيح معنى الشورى لغةً، فألفاظ الشورى مع اختلافها إنما تدلّ على معان متقاربة وهي عرض المعاني أو الأشياء واختيار أصلحها وأتمها فائدة، لأن الصواب في الرأي وليد الاستشارة، ويقصد الباحث بالشورى هنا استشارة مجموعة من الأفراد في المجتمع اختيروا من بين صفوفه. لقد عرفت المجتمعات القديمة نظام الشورى وطبقته عمليًا، كما تبين من المصادر التاريخية والكتابات الأثرية. وتعدّ الجزيرة العربية موطن العرب ومهد أمجادهم وحضارتهم، ومجتمع الجزيرة مجتمع قبلي، وتعتمد قوة القبيلة ومكانتها في المقام الأول على قوة رئيسها وشجاعة أبنائها، وكانت القبائل البذرة الأولى لتكوين الدولة، واحتلت أقوى القبائل الموقع المحوري، وكان الملك في القبيلة التي لها الزعامة، وكانت الدولة تُسمّى باسمها، وكان الملك يستعين في إدارة شؤون البلاد برؤساء القبائل الجالسين عن يمينه وشماله بحسب مكانة كل منهم وحجم قبيلته وقوتها، وعرف هذا المجلس بمجلس الشيوخ، وقد يكون هناك مجلس آخر يختار من رجال القبائل بحسب صفات معينة يتصف بها كل من يرشح لأن يشغله، وقد يكون هذا المجلس مجلس القبائل أو مجلس الشعب، وتجتمع هذه المجالس في أماكن تُسمى (مسود) عند المعينيين، و(مزود) عند السبئيين، و(مشود) عند القتبانيين، وتُسمى (دار الندوة) عند أهل مكة. وقد ناقش الكاتب أنظمة الحكم في أقاليم الجزيرة العربية، وتتبع تطبيق نظام الشورى فيها، فتناول مثلاً مملكة قتبان التي توصل علماء الآثار إلى معرفة نظام الحكم فيها، وكانت عاصمتها (تمنع)، وسميت المملكة باسم قبيلة قتبان، التي فرضت سيطرتها على مجموعة القبائل المجاورة لها إما بالتحالف أو بالقوة، وكان الحكم شورى في مملكة قتبان، وكان مجلس الدولة ومجلس ممثلي القبائل يعقدان جلستين في العام في العاصمة (تمنع)، وكانت القرارات تُبلَّغ إلى القبائل، وحملت الأوامر الصادرة عن الملك توقيعه.
|
|