الاعداد السابقة
|
يتناول الكاتب مكانة الأصول وأهميتها عند النحاة والفقهاء مستهدفًا توضيحها، وبيان التأليف في أصول النحو، وكيف كان النحاة في أصولهم تابعين للفقهاء، وقد رجع إلى القرآن الكريم، والأحاديث النبوية الشريفة، ثم كتب التفسير والنحو وطبقات النحويين، وقد بدأ بتتبع تطور النحو العربي لخدمة القرآن الكريم وحمايته من اللحن والتصحيف، وبتقدم الدراسة النحوية أصبح القياس واحدًا من أصولها، كما أنه واحد من أصول الفقهاء، وقد عني النحاة بالقياس منذ وقت مبكر، وقد سبقوا الفقهاء بهذه العناية به، ولم يظهر القياس بوضوح عند الفقهاء إلا على يد أبي حنيفة المتوفى سنة 150هـ/ 767م، في حين أن عبدالله بن أبي إسحق الحضرمي المتوفى سنة 117هـ/ 735هـ كان شديد التجريد للقياس في مسائل النحو، وعند النحاة والفقهاء فإن القياس يعتمد على تجريد التعليل، وأسهم الخليل بن أحمد في تصحيح القياس واستخراج مسائل النحو وتعليله، واشتهر نحاة البصرة بالتعليل والجدل كما اشتهروا بالقياس واستخدامه، وللنحاة موقفهم البيّن من الاجتهاد، وهو لا يعني التسليم الكلي بالموروث الثقافي، بقدر ما هو تقدير لجهود السلف، وباب الاجتهاد مفتوح عند الفقهاء المقتدرين، وكذلك النحاة فإنهم ينطلقون في الاجتهاد من أسس جدلية نظرية وأخرى قياسية. لقد نظر فقهاء العربية إلى اللغة واستقرؤوها، ورتبوا القواعد والأحكام لما سمعوه من العرب الموثوق بلهجاتهم. وجعلوا السماع أهم أصولهم، وقدموه على القياس، وهم بذلك يترسمون منهج الفقهاء الذين جعلوا الرواية تبطل الاجتهاد، وقولهم بنقض الاجتهاد إذا بان النص بخلافه، ولهذا قال ابن جني إن السماع يبطل القياس. ونظرًا لاختلاف اللهجات باختلاف القبائل العربية فإن السماع قد يضطرب، فتختل الرواية، فاحتاط الجمهور لذلك؛ إذْ لم يعتدوا بالسماع غير المتواتر، وجعلوا حكم القليل المسموع كحكم حديث الآحاد عند الأصوليين. وفي تناوله للتأليف في أصول النحو انتهى إلى أن الأنباري هو أول من ألّف في الخلافات النحوية على مناهج الخلافات الفقهية.
|
|