الاعداد السابقة
|
تناول الكاتب موقف الإنسان العربي من قضية الخلق في الشعر الجاهلي، للكشف عن رؤيته حول خلق الكون عامة، وخلق الإنسان بجسمه وروحه ليتسنى تقديم صورة واضحة لرؤية متكاملة في هذا المجال، بالرجوع إلى نماذج من الشعر المبحوث والدراسات التي نشرت حوله. وقد ابتدئ ببحث صدى خلق الكون في الشعر، واتضح أن الشعر قد عرض للخلق وكشف أن الفرد في العصر الجاهلي قد اطمأن في أكثر الأحيان إلى خلق الله للكون اطمئنانًا تامًا، من غير إنكار أو تشكك، وقد عبر الشعراء عن هذا الاعتقاد والتسليم به، كما فعل عدي بن زيد العبادي الذين كان من أبرز الشعراء الجاهليين الذين ذكروا خلق الله للكون تفصيلاً، وما ذكره من خلق الكون شبيه بما ورد في العهد القديم، مما يفيد أن عديًا قد اعتمد على ثقافته الدينية. وقد عني أمية بن أبي الصلت بقضية بدء الخليقة، وكان من أبرز حنفاء الجاهلية الذين دعوا إلى عبادة الله الواحد. وخاطب ورقة بن نوفل شعرًا قريشًا مسفهًا ديانتهم وإشراكهم ومشيرًا إلى خلق الله للسماء وما فيها من أبراج، وقريب من ذلك ما نسب إلى زيد بن عمرو بن نفيل من شعر وصف فيه إيمانه بالله الذي خلق الأرض وسواها مستوية على المياه وأقام عليها الجبال ثم أرسل إليها الماء الزلال. وأما قضية خلق الإنسان فإن عديًا المذكور آنفًا كان من أكثر الشعراء ذكرًا لخلق الإنسان، وشاع بين العرب أن الناس جميعًا ينحدرون من أب واحد هو آدم الذي خلقه الله تعالى ثم جعل سائر البشر من ذريته ونجد صدى لذلك في شعر عبدٍ لطابخة بن ثعلب من قضاعة، وتحدث السموأل عن خلق الإنسان وتكوينه حتى يصبح بشرًا سويًا. وإجمالاً يلحظ أن الإشارات الشعرية لجوانب الموضوع المدروس في الشعر الجاهلي قد عكست بجلاء رؤية الإنسان العربي للخلق ونشأة الحياة.
|
|