الاعداد السابقة
|
ظل العباسيون يتمتعون بالسيادة على الحجاز لا ينازعهم فيه منازع حتى أقام الفاطميون دولتهم في أفريقيا(1)، وأخذوا يعملون على توسيع رقعتها على حساب الخلافة العباسية، وكانت البداية استيلاءهم على مصر والشام(2)، فلما تم لهم فتح هذه البلاد، وأصبحت القاهرة مقر خلافتهم تطلعوا إلى بسط نفوذهم على الأراضي المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة(3)؛ ليكسبوا خلافتهم قوة شرعية أمام العالم الإسلامي، ويضعفوا من شأن الخلافة العباسية في نفوس المسلمين. لم يدر بخلد العباسيين بعد أن تقلدوا الخلافة أن الاحتفاظ بالسيادة على مكة والمدينة سيكون له أثر في وثوق رعاياهم من المسلمين بأحقيتهم بالخلافة، فلما طمع الفاطميون بالسيطرة على هاتين المدينتين، ظهرت من ثنايا الصراع فكرة جديدة تتضمن أن أمير المؤمنين هو من استطاع بسط نفوذه على الحرمين (المكي والمدني)، وأن نفوذ خلافته لا تكتمل عناصرها في نظر المسلمين ما لم تؤيده الخطبة له بالحرمين(4). فالحجاز مهبط الوحي والرسالة الإسلامية، ومركز الحج الذي يتوافد إليه المسلمون في كل عام؛ لأداء أحد أركان الإسلام. إضافة إلى أهميته الجغرافية كحلقة وصل بين جنوب الجزيرة العربية وشمالها، وبلاد الشام ومصر، حيث تمر القوافل التجارية من خلال طرقه(5). وكان العلويون بهذا النزاع الخصم الثالث الذي يأتي أخيراً، فيفوز بالغنيمة، فاستقل أمراء الأشراف من بني الحسن بمكة، كما استقل الأشراف من بني الحسين بالمدينة(6). وأصبح هؤلاء الأمراء سادة الحرمين(7) مستغلين التنافس بين الخلافتين؛ لتعزيز مركزهم في شرافة الحجاز. لذا كانوا لا يترددون في الخطبة لأي منهما بحسب ما يقدمه من أموال وأعطيات(8).
|
|