دراسة تاريخية تناولت دولة الإسلام التي قدّر الله -تعالى- أن تكون من خلال جهد بناء أرسى دعائمه الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم حمل المسؤولية من بعده أمراء المؤمنين. وقد هدف كاتبها إلى بحث واقع هذه الدولة التي أقامها الإسلام وألبسها وضعًا شرعيًا وأكسبها الشكل المقبول في إطار مجتمع الدول، ودور الإسلام في ذلك كله بوصفه المنطلق والأساس، وقد استند إلى المعلومات في عدد من المصادرالتاريخية والجغرافية، واستهل بتمهيد حول مفهوم الدولة وأبعادها البشرية والطبيعية والتنظيمية التي توضح تكوّن الدولة من ناس وأرض وحكومة تنظيم أوضاع الناس وحياتهم، وتؤكد حيازتهم للأرض، وتصون انتفاعهم بها، ثم بحث دور الرسالات السماوية في إقامة الدول، وأشار إلى فشل الدولة اليهودية في التعمير طويلاً لأنها افتقدت في تكوينها المقومات الأصيلة التي تكفل لها الوجود السوي المستمر، فتمزقت أوصالها من داخلها وانقسمت وتبدد شمل شعبها فسقطت، واستخلص أن الرسالة اليهودية لم يرتبط وجودها ارتباطًا عضويًا بدولة إلى حد كبير، ثم أوضح اتجاه النصرانية إلى تركيز اهتمامها على الفرد، ونجاحها في نشر عقيدتها في دول، لكن ذلك لم يعطها فضلاً في جمع شمل النصارى من أجل تكوين أمة، ثم إنه لم يكن من صميم مفاهيمها وضع الأسس والمقومات لإقامة دولة تلم شمل أتباعها. وقد بيّن تميّز رسالة الإسلام المثلى وتحركه البناء الذي يولي المسلم الاهتمام والرعاية من خلال تربية خلقية ترضاها تعاليمه وتقاليده ومثله العليا، ويضع الصيغة التي تؤلف بين المسلمين الصالحين في بنيان بشري متماسك يكون الأمة بكل معانيها وأبعادها، ويدخل في صميم اهتمامه حيازة الأرض بوصفها قاعدة لتجمع هذه الأمة، وتأسيس نظام حاكم نابع من الدين، ويكفل ذلك كله قيام دولة يكون لها الشكل القانوني المقبول في مجتمع الدول. وبحث إستراتجية النشأة لدولة الإسلام وميّز فيها ثلاث مراحل مترابطة: مرحلة تجهيز وتأهيل وإعداد بقصد تكوين الأمة، ومرحلة حيازة الأرض وإقامة النظام الحاكم لكي تكون الدولة، ومرحلة التصدي للعدوان ومواجهة التحديات، ثم بحث استراتيجية دعم الدولة، ثم إستراتيجية التوسع التي ظهرفيها دور الجهاد في التصدي للخطر وإعلاء كلمة الله، وتناول تقويم الدولة الإسلامية من خلال النظر في هذه العناصر: الأمة الإسلامية، والأرض الإسلامية، والحكومة الإسلامية، وجاءت استنتاجاته مبثوثة في معالجتها، وتتركز حول تماسك الأمة الإسلامية، والمحافظ على أرضها ومزاياها الإستراتيجية، ووحدتها وأمنها.