الاعداد السابقة
|
تناول الكاتب ما سجله الشعر العربي من انطباعات نحو التُّرْك، وصفاتهم التي رسخت عنهم في أذهان الناس، وطرف من أثرهم في حياة المجتمع وفي الحياة السياسية، وعلاقتهم بالعرب منذ الجاهلية حتى بداية عصر المماليك الأتراك، وقد رجع إلى كتب التاريخ ودواوين الشعر العربي، وتتبع بوادر العلاقات بين التُّرك والعرب التي انبثقت نتيجة للصراع القائم آنذاك بين الفرس والتُّرك، وكان العرب يتدخلون فيه أحيانًا لنجدة الفرس والوقوف إلى جانبهم ضد غارات الترك، ولعلّ الشعراء الذين أقاموا في الحيرة أو كانوا يترددون عليها قد عرفوا الترك وميزوهم عن بقية أجناس الأعاجم الأخرى، ويُعَدُّ ذكر الترك في شعر عدي بن زيد العبادي الذي قتل نحو عام 006م أقدم إشارة إليهم في الشعر العربي، كما أتى النابغة الذبياني على ذكرهم، وكذلك الأعشى الذي ذكر رقص نسائهم في مجالس الشراب، وبعد الإسلام وامتداد حركة الفتوح الإسلامية في عصر الخلفاء الراشدين وبني أمية لتشمل بلاد الترك ازدادت صلة العرب بالترك، ووقعت بينهم مواجهات عديدة، وقد حفل شعر الفتوح بذكرهم ووصف صلابتهم في الحرب، وقد امتدح الشعراء فرسان العرب الذين صمدوا أمام شراسة الأتراك، وأشاد بعض الشعراء إلى كثرة عدد جند الترك، وأكثر شعراء الفتوح الإسلامية في آسيا من ذكر مواطنهم والحنين إليها. وكانت الحرب سجالاً بين العرب والترك طوال العصر الأموي، ووجد الشعراء في ثبات قومهم أمام بأس الترك مدعاة للفخر، وأشاروا إلى عادات الترك التي أدركها العرب بمخالطتهم ومعاشرتهم لهم، وإلى ضخامة أجسامهم وكثافة شعرهم، وشدة عداوتهم وعدم وفائهم بالعهود ونقضها. وقد زادت العلاقات بين الترك والعرب في عهد العباسيين وانتهت تقريباً بالفتوحات في بلاد الترك، وقد استخدموا في الجيش فقوي نفوذهم وبطشهم، وشاركوا فيما بعد في الدفاع عن المسلمين ضد الغزو الصليبي والمغولي.
|
|