الاعداد السابقة
|
اعتمد الباحث في دراسته لقصيدة الحطيئة على أكمل نص استطاع الوقوف عليه لها، وقد اختارها للبعد القصصي فيها ولمضامينها، وهي تحكي قصة أعرابي بائس يعيش مع زوجته وأبنائه الثلاثة في صحراء قاحلة منعزلة يأتيه طارق ليل فيحار في قراه، فيراه ابنه على تلك الحال، فيعرض نفسه قرى للضيف. فيمر قطيع من حمر الوحش فيصيب أحدها ويكرم ضيفه. ويكشف الباحثُ في قراءته لنص القصيدة ضعف المعنى السطحي للقصيدة؛ لأن النص مليء بالتناقضات والمغالطات والمبالغات، بل حتى بالمستحيلات التي تجعل التمسك بالمعنى الحرفي السطحي للقصيدة أمرًا غير محبّذ وغير منطقي.
وعلى المستوى الداخلي يمكن إدراك التناقضات والمغالطات في الأشخاص والظواهر الآتية : فاعل الكرم، ومكان ممارسة الكرم، وعلامات الكرم، وأداة الكرم، ووسيلة الكرم، ومادة الكرم، وتبعة الكرم، وتقويم الكرم، وأما على المستوى الخارجي فمن الممكن إدراك المغالطات والتناقضات عن طريق الإشارة إلى ما يأتي : كون الحطيئة واحدًا من أشهر بخلاء العرب الذين عرفوا بتقتيرهم وطردهم للأضياف، وما عرف عنه من معارضته لكثير من القيم القبلية العربية بما فيها الكرم، وضعف تدينه إذا افتُرض أنّ دافع الكرم كان دينيًا، ويرى الباحث أن التناقضات والمغالطات حدثت لسببين هما : كون الشاعر ساذجًا إلى الدرجة التي لم يدرك معها التناقضات في قصيدته، وإدراك الشاعر لمعنى ما يقول، وتعمده وضع تلك التناقضات والمغالطات، ويستبعد الشاعر السبب الأول لذكاء الشاعر وبراعته في النظم، وبذا يكون السبب الحقيقي لها هو أسلوب المفارقة، وقد جاء توظيف الشاعر للمفارقة للسخرية من الأعراف القبلية المتعلقة بالكرم.
|
|