لقد كانت الاتصالات الأوربية بالمنطقة العربية عموماً والجزيرة العربية بوجه خاص متباينة الأهداف بين الدول الأوربية التي سعت للحصول على أكبر قدرٍ ممكن من المعلومات الاقتصادية والسياسية والجغرافية والدينية والاجتماعية عن المنطقة العربية. ومما لا شك فيه أن احتواء الأراضي العربية على الكثير من الثروات الطبيعية، وتعدد الحضارات فيها، ووجود الأماكن المقدسة بها أدى كل ذلك إلى اهتمام أوربا بالمنطقة والتعامل معها على هذا الأساس. ومن خلال هذه الدراسة سوف يتبين مدى حجم تلك الاتصالات الأوربية وتوغلها داخل الأراضي العربية، وسوف تتضح أيضاً المحاولات الأوربية غير المباشرة للتدخل في الشؤون العربية من خلال السياحة والتجول في المنطقة، وكذلك المحاولات الأوربية المباشرة المتمثلة في تدخل السفن الأوربية الحربية وفرضها السيطرة بالقوة على السواحل العربية، وذلك من خلال الوثائق العثمانية. والحقيقة أن الدولة العثمانية كان لها الدور الأكبر وبشكل مباشر في مساعدة الدول الأوربية للتفكير في التدخل والتجول في الأراضي العربية بإذن وتصريح منها، وقد استطاعت هذه الدول الحصول على المعلومات المطلوبة، وكان لهذه المعلومات العامل الأساس في سقوط العديد من الأراضي العربية تحت سيطرتها.