الاعداد السابقة
|
تناول الكاتب سيرة العالم أبي بكر محمد بن الحسن الحاسب الكرجي من علماء القرن الخامس الهجري، مستهدفًا إبراز معرفته في مجال هندسة المياه الجوفية من خلال دراسة فكره في كتابه إنباط المياه الخفية، الذي شرح فيه كيفية الكشف عن المياه الجوفية، وطريقة إدراكها، ووسيلة استخراجها، ونقلها إلى السطح، ومعلوماته حول هذه الأمور معتمدة على تجارب عملية وأسس نظرية ومبادئ رياضية، وكان الكرجي يعتقد أن صناعة إنباط المياه الجوفية عظيم الفائدة لأن بها عمارة الأرض وحياة أهلها، وكان الكرجي يرى أن هناك قانونًا كونيًا يتحكم بعلاقة الماء والأرض وسماه "قانون طلب المركز"، ويمكن أن نسميه بتعبير اليوم بقانون الجاذبية، ووصف الكرجي تأثير موقع الماء واختلاف ارتفاعه بالنسبة إلى الأرض، وقد أشار الكرجي بوضوح إلى وجود قوة الجاذبية التي تؤثر في الماء الموجود على الأرض أو ضمنها فتؤدي إلى حركته وذلك إما بالتأثير المباشر وهو تسرب الماء بفعل قوة الجاذبية، وإما بالجريان على سطح الأرض بتأثير الميل، وبيَّن تأثير الضاغط وهو ارتفاع عمود الماء على فوران الماء وهو ما نسميه اليوم بالبئر الارتوازي إذ اكتشف الكرجي إلى أن الماء لا يصعد إلا إذا كانت مادة الماء من مكان أبعد من المركز من موضع ظهوره، أي بتعبير الهندسة المائية اليوم لا يصعد الماء في بئر إلا إذا كانت الطبقة المائية المغذية متصلة بضاغط مائي أي بكتلة مائية (مادة الماء) أعلى منسوبًا (من مكان أبعد من المركز) ثم أشار إلى أن رفع الماء إلى سطح الأرض إذا كان غائرًا لا يمكن إلا بالدواليب والغرافات، وتتحرك الدواليب بقوة المياه الجارية، وتتحرك الغرافات بحركة الحيوان الدائرية. ثم ناقش الكاتب فكر الكرجي في حركة الماء في الأرض وتركيب طبقات الأرض، وتمييزه بين طبيعة مناطق المياه الجوفية ومصادرها واستكشافها، وانتهى إلى أن الكرجى قد تفوق على علماء عصره في علمه في مجال هندسة المياه الجوفية وأن القوانين الطبيعية التي أوضحها لم تعرف إلا منذ زمن ليس ببعيد في الغرب.
|
|