الاعداد السابقة
|
دراسة تاريخية لدور الكتاتيب في العصر المملوكي في النهضة الفكرية والاجتماعية في مصر، لبيان أبعاد هذا الدور، وإنشاء الكتاتيب ومواقعها، ودور المؤدب ومساعديه فيها، وقد رجع الكاتب لمصادر تاريخ مصر في العصر المملوكي. واستهل بالتعريف بنوعي الكتاتيب وهما الكتاتيب الأهلية أو الخاصة التي كان يدخلها التلاميذ لقاء عوض أو أجر معلوم، والكتاتيب العامة التي كان قيامها مرهونًا بتأييد أصحاب المناصب والجاه في الدولة من سلاطين وأمراء ووجهاء وتجار ودعمهم لها ابتغاء الأجر والثواب، وكان التعليم فيها متاحًا بدون أجر للأيتام والفقراء المعدمين وأبناء من الجند، وقد كفل لها نظامها ميزانية لتأمين احتياجات التلاميذ من الألواح والمحابر والمداد، فضلاً عن الكساء والفرش، وعرفت هذه الكتاتيب بمكاتب الأسبلة، لإقامتها قرب السبيل، وسميت بمكاتب الأيتام لأن الأصل في إقامتها هو الاختصاص بالأيتام، وكانت الأهداف من إنشائها تحفيظ القرآن الكريم وعرضه وكتابته، فضلاً عن تعليم الخط والاستخراج والضبط والفهم للمسائل، وبعض متون الأحاديث، وعقائد السنن، وأصول الحساب، والمراسلات المستحسنة، ومعرفة أحكام الإسلام، وإعداد التلاميذ ليكونوا رجالاً صالحين في مجتمعهم، وأسهم العمل على تحقيق هذه الأهداف في النهضة الفكرية. وقد روعي في اختيار موضع المكتب أن يكون في متناول الجميع مع ضرورة صرف الباعة من بابه حتى لا يتلهى الصبيان بما في أيديهم عن الدرس، وقد أقيمت المكاتب ملحقة بالمساجد والمدارس، أو قرب الأسبلة، أو إلى جانب الأربطة والخوانق، أو في الدكاكين، وروعي أن يكون المؤدبون أو الفقهاء الذين يدرسون فيها مؤهلين خلقيًا وعلميًا وعمليًا، وكانت تلك المكاتب تهتم بالترويح عن الصبيان، وتنشيطهم، وتزويدهم بالتربية الاجتماعية السليمة، وروعي مبدأ المرونة في التعليم والتهذيب، والتدرج والتلطف في تعليم الأطفال.
|
|