الاعداد السابقة
|
درس الكاتب نزعة التعصب بين العرب والموالي في الشعر العربي في العصر الأموي، مستهدفًا تحليل مظاهرها وعرض مسبباتها وآثارها ورجالها، ورجع إلى مصادر الشعر العربي وكتب الطبقات والتاريخ. وقد أوضح أن رقعة الدولة اتسعت في العصر الأموي، وأظلّت الدولة شعوبًا من أجناس شتى، وكانت غالبية الموالي من الفرس والروم، ومن النوبيين وغيرهم، ولم تحاول الدولة الأموية أن تسوي بين العرب وبين أجناس الشعوب الأخرى التي دخلت تحت سيطرتها، بل تحيزت للجنس العربي وقلدته مناصب الدولة، ولم تسقط الجزية عمن أسلم من الموالي وإن كان عمر بن عبدالعزيز قد رفض هذا الوضع الجائر طوال حياته، وكان الصراع بين العرب والشعوبيين قد بلغ غايته في العصر العباسي، وقد انعكس هذا الصراع في الشعر، حيث أظهر إحجام العرب عن مصاهرة الموالي، وترفعهم عن تزويجهم. وإنه لصحيح أن نزعة التعصب قد قلت بتحسن أحوال الموالي وحيازتهم للأموال وإقبالهم على الثقافة العربية والإسلامية، ونبوغ بعضهم فيها، ليتساووا مع العرب ويتخلصوا من المهانة التي كانت تصيبهم، وكأن العصبية ضد الموالي كانت ذات أثر فعال في خدمة العلوم اللغوية والشرعية. وبيّن الكاتب أن الموالي الذين أحسنوا قول الشعر قد ترجموا عما استكنّ في صدورهم من حقد على الأمويين الذين لم يتحرروا من عقدة النسب، وندد عدد من شعراء الموالي بالعرب من طرف خفي كإسماعيل بن يسار، وأبي حرة، وعمرو بن الحصين، وزياد الأعجم، وأما الموالي الذين تظاهروا بحب بني أمية والولاء لهم فلم يكونوا صادقين في مدحهم لهم، وراح شعراؤهم يكشفون القناع عن عدائهم المستخفي للعرب وعصبيتهم، واستشهد بموقف بشار بن برد الذي تبرأ من الولاء للعرب، وأوضح كيف دفعت العصبية الجنسية حمادًا الراوية إلى إفساد تاريخ الشعر العربي بما كان يصنعه وينسبه من الشعر للعرب في العصر الجاهلي.
|
|