الاعداد السابقة
|
تناول الكاتب أعمال أربعة روائيين وظفوا الأحداث التاريخية في رواياتهم على اختلاف ما بينهم في النظرة إلى التاريخ وفي الموهبة الروائية، وهم سليم البستاني في روايته الهيام في فتوح الشام، وجورجي زيدان في روايته أرمانوسة المصرية وفرح أنطون في روايته فتح العرب لبيت المقدس ومعروف الأرناؤوط في رواياته سيد قريش و عمر بن الخطاب و فاطمة البتول، للتعرف على النظرية الروائية لهؤلاء الكتاب وطبيعة أذواقهم، وقد رجع للروايات المبحوثة والدراسات النقدية التي تناولت الرواية العربية. وقد لاحظ أن كتاب الرواية التاريخية من الغربيين قد اهتموا بإحياء الماضي ولم يهتموا بصحة المعلومات التاريخية، وحاولوا تقديم رواية ناجحة، وذكر أن جورجي زيدان لم يوجه اهتمامه إلى إحياء الماضي القديم، ذلك أن الفكرة القومية لم تكن قد نضجت وتبلورت بعد، وإذا كان جورجي زيدان قد ذكر أن غرضه أن يعلّم التاريخ في قالب قصصي مشوق، إلا أنه لم يلتزم بدقة بالوقائع التاريخية التي تعامل معها. وقد يختار روايات ضعيفة، بل أنه قد يختلق بعض الروايات أحيانًا، وهو عندما يختار موضوع رواياته فإنه لا يختار الفترات المشرقة التي تمثل أمجاد التاريخ العربي، وأما سليم البستاني فاهتمَّ أيضًا بالوقائع التاريخية في رواياته التاريخية وحاول مثلما فعل زيدان وأمثاله أن يقنع القارئ بتوثيق مادته العلمية من كتب التاريخ العربية والغربية، وكان أحيانًا يفسر التاريخ على هواه. ورأى فرح أنطون أن الروايات التاريخية لا يقصد بها سرد وقائع التاريخ وأرقامه، فإن طالبها يلتمسها في كتب التاريخ حيث تكون قريبة المنال، وليس في الروايات التي ترمي إلى سرد الوقائع، وتصوير الوسط المرغوب في تصويره، وتكميل التاريخ في جوانبه الناقصة، ويشير الكاتب إلى أن فرح أنطون تمسك بالحقيقة التاريخية. أما بالنسبة إلى معروف الأرناؤوط فإنه يلجأ أيضًا إلى توثيق مادته التاريخية، وكان يلتزم بالحقيقة التاريخية. وعلى هذا النحو فإن هؤلاء الروائيين قد احتفلوا بالمادة التاريخية وحاولوا توثيقها على اختلاف فيما بينهم في ذلك وفي فهمهم للتاريخ وتأثرهم بأحداثه وشخصياته وحضارته، وتعاملهم معها ومدى التزامهم بحقائقها.
|
|