الاعداد السابقة
|
تناول الكاتب فن البديع وأنواعه وموقعه في نطاق علوم البلاغة، وعناية الشعراء بتمثيل مختلف أنواع البديع في قصائدهم التي عرفت بالبديعيات، وهدف إلى عرض تطور هذه البديعيات وروادها وميزتها، ورجع إلى القرآن الكريم، ثم إلى الدراسات المنشورة عن البديع والبديعيات والبلاغة العربية. وقد قدّم لدراسته بتوضيح ما يعنيه البيان بمفهومه الأدبي الواسع الذي يشمل الإفصاح عن كل ما يختلج في النفس من المعاني والأفكار والمشاعر بأساليب تتصف بالدقة، والإصابة، والوضوح، والجمال. وهو بهذا يجمع فنون البلاغة الثلاثة: المعاني، والبيان، والبديع. وقد سمّيت فنون البلاغة قديمًا بالبديع، وقد ورد لفظ البديع في الشعر والنثر في صدر الإسلام. وقد حفل بصور البديع شعرُ بشار بن برد، ومسلم بن الوليد، وأبي تمام، وابن الرومي، والبحتري، وابن المعتز. وقد وضع ابن المعتز كتابًا في البديع سنة 274هـ، وعالج فيه خمسة أنواع من البديع: الاستعارة، والتجنيس، والمطابقة، وردّ إعجاز الكلام على ما تقدمها، والمذهب الكلامي. وتابع الكاتب تطور علوم البلاغة على يد السكاكي ومن جاء بعده، فأشار إلى أن علم البديع وصل عند السكاكي والقزويني إلى وضعه في ذيل سلسلة علوم البلاغة مكملاً لها، ثم بدأت المحاولات منذ منتصف القرن السابع الهجري للارتقاء بالبديع والتوسع في استخدامه، والاهتمام به، والنظر إليه على قدم المساواة مع فنون البلاغة الأخرى. ولما كتب أبو هلال العسكري (الصناعتين) ذكر خمسة وثلاثين نوعًا للبديع، وأوصل شرف الدين الشاشي أنواعها إلى السبعين، وذكر مجد الدين بن منقذ في كتابه (التفريع في البديع) خمسة وتسعين نوعًا، واستخدم صفي الدين الحلي في المدحة النبوية مئة وأربعين نوعًا للبديع. وأصبحت البديعيات في النهاية مصطلحًا يطلق على القصائد المنظومة في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم أو أصحابه، متضمنة أنواعًا من البديع مصرحًا بها أو غير مصرح. وقد انبثق فن البديعيات على يد أمين الدين السليماني في عصر المماليك سنة 670هـ، واشتهر على يد البصيري صاحب "البردة" وغيرها من المدائح النبوية. وقد تتبع الكاتب ظهور شعراء البديعيات بعد البوصيري حتى وصل إلى الفترة المعاصرة، وخلص إلى أن البديع قد بقي محتفظًا بموقعه الذي وضعه فيه السكاكي فالقزويني بين علوم البلاغة .
|
|