الاعداد السابقة
|
دراسة لأدب الإخوانيات في عملين لابن نباتة المصري، وصلاح الدين الصفدي، للكشف عن مضمونه، وأسلوبه، وأغراضه، وقد رجع الكاتب لأدب الإخوانيات وكتب الشعر والنقد، واستهل مقالته بالتعريف بتاريخ الأدب الإخواني، وازدهاره في القرن الرابع الهجري وكان له جذوره في العصر الجاهلي فيما كتبه لقيط بن يعمر الإيادي محذرًا إخوانه وأبناء قبيلته من غزو كسرى، وكانت الصلات الإخوانية من أهم الدوافع إلى النظم والكتابة في القرون المتأخرة وبخاصة القرن الثامن الهجري، حيث قويت الصداقات ودفعت إلى تقارض الثناء، وتبادل المدائح بين الأصدقاء، وتبادل التهاني والتعازي، والتعبير عن الأشواق والحنين والمعاتبة والاعتذار وغير ذلك مما يكون بين الأصدقاء، وقد ترك لنا صلاح الدين الصفدي موسوعته ألحان السواجع بين البادي والراجع، وترجم فيها لمئة وثمانية من أدباء مصر والشام، وعرض الرسائل المتبادلة بينهم، وذكر ما أنشده لهم، وما أنشدوه له، وامتاز ابن نباتة المصري بأوفى ترجمة، وهو أستاذ الصفدي وصاحب كتاب سجع المطوق الذي احتوى على رسائل إخوانية بين ابن نباتة وطائفة من مشاهير عصره في الشام منهم ثلاثة أعلام ورد ذكرهم في ألحان السواجع... وهم: شهاب الدين محمود، وجلال الدين القزويني، وعلاء الدين بن غانم، فكان موضوع الكتابين السابقين واحدًا، لكن كتاب ابن نباتة متقدم عن كتاب الصفدي، ويرى الكاتب أن فكرة سجع المطوق من ابتداع ابن نباتة نفسه ولم يملها عليه الملك المؤيد صاحب حماة الذي قدم له الكتاب، أما الصفدي فكان كثير الأخذ عن ابن نباتة، لكن المؤلفين استمدا في عنواني كتابيهما صورة الحمام المغني على الأغصان، والأغصان هنا الأقلام، وقد أوحى ابن نباتة إلى الصفدي عنوان كتابه، مع أن ابن نباتة قد أخذ عنوانه عن الشاعر المصري أبي الحسين الجزار المتوفى سنة 679هـ، وقد اهتم كل منهما بذكر مناسبات الرسائل المسجلة في كتابيهما، ولم يهتم ابن نباتة بتأريخ الرسائل لكن الصفدي اهتم بذلك، وإذْ ركز ابن نباتة على عرض تقريظ إخوانه لكتابه، وعرض نماذج من مكاتباته إليهم، ومدائحه فيهم من غير أن يعقب ذلك استطراد، فإن الاستطراد سمة بارزة في ألحان الصفدي، والنقد في كتاب ابن نباتة معدوم، وفي كتاب الصفدي محدود، وقد أفسح الصفدي في كتابه مكانًا للموشحات، وحشد في كتابه بعضًا من فنون الشعر الجارية على ألسنة العامة كالمواليا، وعرض الكاتبان فنون الشعر المعروفة في كتابيهما.
|
|