الاعداد السابقة
|
درست الكاتبة ظاهرة الاغتراب في حياة ابن الرومي وشعره، مستهدفة بيان أبعادها وارتباطاتها والتعبير عنها، وقد رجعت إلى أشعار ابن الرومي، والكتابات والدراسات النقدية التي تناولتها، وتناولت الهجاء، والأدب العباسي، وقد استهلت بتوضيح البيئة التاريخية والاجتماعية والاقتصادية التي عاش بها ابن الرومي الذي عاصر سبعة من خلفاء العباسيين، وشهد الاضطرابات الكثيرة التي عمت الدولة، بخاصة سيطرة الأتراك وتلاعبهم بمصائر الخلفاء وسيطرتهم، وقد تألّم ابن الرومي لما لاحظه، ولازمه التطيّر والتشاؤم والشعور بالاغتراب والتعبير عنه في شعره، وأهم مظاهر الاغتراب في شعره إحساسه بالوحدة والضياع كما يبدو في قصائده في رثاء أبنائه وإخوته، وفي قصائده التي عبّر فيها عن خيبته من ممدوحيه الذي خذلوه ونفروا منه، كما أن مظاهر إحساسه بالغربة نفوره من كل قبيح، لذلك كثر هجاؤه كثرة مفرطة لكل ما هو قبيح في نظره، وكان يرى القبح في أشكال الناس وأصواتهم وسلوكهم، بل أنه لم يتورع عن السخرية من صورته وبعض صفاته هو كالبخل، بل قد يهجو الشجرة التي لا تثمر وغيرها من الأشياء. وأشارت الكاتبة إلى أخبار ابن الرومي في تطيرّه من الأسماء، ومن الأشخاص، ومن الأيام، ومن العاهات، ذكر المرزباني أنه كانت به علة سوداوية، ورأى العقاد حديثًا أن أهم البواعث التي أصابت ابن الرومي بداء الطيرة هو اختلال الأعصاب قبل كل شيء، وذهب طه حسين إلى أن ابن الرومي كان حاد المزاج مضطربه معتلّ الطبع ضعيف الأعصاب حادّ الحس جدًا يكاد يبلغ من ذلك الإسراف، وقد غذّت مجريات العصر الاستعداد الفطري لديه للطيرة والتشاؤم. وقد حلّلت الكاتبة شعره الذي يعكس ظاهرة الاغتراب متطرقة إلى قصيدة طويلة رثى بها أمه، وإلى شعره في رثاء ابنه محمد، وإلى شعره الذي يشكو فيه الاغتراب في زمان انقلبت فيه الموازين. وخلصت إلى أن الهجاء طغى على شعر ابن الرومي ولم يسلم أصحاب العاهات منه، وقد يكون من واعثه نشدان الكمال في المنظر والمخبر
|
|