تناولت المقالة الأبعاد المكانية لأعمال مناسك الحج من وجهة جغرافية في محاولة لفهم نظامها وتفسيره، وتصدر الدراسة من منطلقين : أولهما : أن تحديد أعمال ومناسك الحج في الكيفية والزمان والمكان أمور تعبدية توقيفية، وثانيهما: أننا مسلمون مطالبون بتفهم المناسك التي دعا إبراهيم الخليل ــ عليه السلام ــ ربّه أن يريه إياها، ورؤية الكاتب للمناسك تستند إلى النصوص الشرعية في تحديد الأبعاد المكانية للمناسك، ويرمي إلى أن يشرح ويفسر تلك الأبعاد من خلال مقياسين جغرافيين هما: هيئة أو نظام المكان، ثم وظيفة المكان وانسجام تلك الوظيفة مع الهيئة؛ وقد رتّب معالجة الأبعاد المكانية في عدة عناصر تتفق مع الترتيب الموقعي للأعمال والمناسك في المكان على النحو الآتي: النظام المكاني العام لأعمال الحج، ومواقيت الإحرام المكانية، وحدود الحرم المكي، ومحور المناسك، وقد تناول كل عنصر منها بالشرح والتوضيح مستخدمًا الخرائط والأشكال؛ وانتهى في الخاتمة إلى أنه قد تبين من تحليل عناصر النظام المكاني لأعمال الحج أن الحكمة الإلهية قد هيأت لتلك العناصر من الخصائص ما نعرف بعضه، بحيث يؤدي النظام وظائفه الروحية التعبدية إذعانًا لله ، وطهارة للنفس، ونقاء للروح. واستخلص الكاتب أن النظام المكاني لأعمال ومناسك الحج في تدرجه وإشعاعه يناسب عالمية الدين الإسلامي، وتدرّج الدين وانسجامه مع فطرة الإنسان، وأنّ في تحديد حدود الحرم المكي من قِبَل الله ــ تعالى ــ ضمانًا بأن تظل لبيته الحرام إمامته للناس، وكونه ملاذًا روحيًا، وقد حُدِّدت الحدود بحكمة الله تعالى، وهي تؤدي وظيفتها تمامًا في نسك الحج والعمرة، وأن رسول الله صلى اله عليه وسلم قد حدّد مواقيت الإحرام تهيئة لذلك النطاق الانتقالي في الحرمة والإحرام، وبالتالي الاستعداد الروحي للدخول في العبادة التي يخرج المسلم منها بعفو الله مغفور الذنوب.
|