تناولت المقالة سيرة الملك فيصل بن عبدالعزيز رحمه ا$، ونظرة الغرب إليه ملكًا صالحًا، وركنا من أركان العرب، وشخصية تفيض اتزانًا واعتدالاً وحكمة في السياسة الدولية، ورجلاً صاحب أخلاق، ومزيجًا نادرًا في أيامنا من التقوى والورع والذكاء والقيادة الفذّة، ومما ترك الانطباع العميق لدى الغرب سلوك الفيصل الشخصي، وأسلوبه في الحكم، ومنهجه السياسي، وكانت المملكة العربية السعودية في عهد الفيصل وما تزال دولة فريدة في نظر الغَرْب، ذات تجربة ليس لها مثيل في العالم، فقد اعتمدت دستورًا لها القرآن الكريم ومضت في تقدمها في هذا العصر المتميز بالتطور التقني في إطار تعاليمه، وهكذا فإنه يمثل للسعوديين الحياة هي الدين والدين هو الحياة، وكان الغرب ينظر لهذه التجربة السعودية نظرة ارتياب لفشله في تحقيق الانسجام بين التمسك بأهداب الدين، والأخذ بأسباب الحياة العصرية في آن، ومقارنة الغرب في هذا الصدد تبرهن في الحقيقة على عجزه عن إدراك حقيقة الشريعة الإسلامية، وصلاحيتها للتفاعل مع كل العصور والبيئات، وقد لمس الغرب ما للفيصل من المزايا الشخصية والملكات والقدرات والممارسات الديمقراطية ما فرض عليهم أن يعيدوا النظر فيما كان يعدونه من البديهيات السياسية لديه، ومما جذب نظر الغرب أيضًا جوانب أخرى في شخصية الفيصل من أبرزها إعراضه عن الدنيا، وتقشفه في معيشته، وتدينه، وعمق بصيرته، وكذلك نبل مظهره، وإنسانية تعبيره، وقد عاش حياة بسيطة في نفس القصر المتواضع الذي كان يشغله لسنوات وزيراً للخارجية، وكانت هذه الفضيلة قد جلبت انتباه الكثيرين من كتاب الغرب فعدّوه مثالاً يُحتذى من جانب مواطنيه، ومصدر قوة وتوقير للفيصل، وكانت حياته موزعة بين العمل والصلاة، ومما أثار إعجاب الغرب مدى نجاح الفيصل في إقامة اتصال وثيق مع الشعب على نحو أمّن التفاعل المتبادل الضروري من أجل الإسهام المشترك في تطوير البلاد وخدمة شعبه، وكان الفيصل، يعني ما يقول، وبإيجاز كان الدين مصدر التوجيه الأساسي للفيصل في شتى المجالات.
|