تناول الكاتب وصف مدينة الرباط المغربية وتاريخها لتوضيح موقعها وجوانب أهميتها وتطورها، ورجع إلى المصادر وكتب الرحلات المتصلة بالمغرب. وبدأ بالتعريف بأقسام بلاد المغرب التي تشمل المدن المغربية التاريخية وأهمها الرباط ومراكش وفاس ومكناس، والمدن ذات الأهمية السياسية والتجارية مثل طنجة والدار البيضاء، بالإضافة إلى المدن الأخرى مثل تطوان، وأغادير. ثم عرّف الكاتب بموقع الرباط، حيث تقع على الضفة اليسرى من نهر "أبو رقراق"، وهو أحد أنهار المغرب الكبيرة، وكان مكانها مدينة رومانية اسمها (سالاكولونية)، ولما تقلص نفوذ الرومان اتجه أفراد قبيلة زناتة إلى بناء مدينة (سلا) على الضفة اليمنى من النهر. ويرجع بناء الرباط على أنقاض المدينة الرومانية إلى الموحدين في عهد السلطان عبدالمؤمن خلال القرن السادس الهجري، وقد سميت رباط الفتح، حيث كانت تتجمع فيها الجيوش قبل مسيرها إلى الأندلس، وجعلت رباطًا للقوات البرية والبحرية لغزو الأندلس، وتم بناؤها في عهد الملك يعقوب المنصور الموحدي سنة 593هـ. وقد كانت الرباط لفترة من الزمن مأوى للنازحين الأندلسيين الذين حصنوها وبنوا فيها القصور والدور والحمامات، وفي عهد المرينيين ازدهرت (شالة) وهي من ضواحي الرباط، وتواصل ازدهارها في عهد السعديين، وقد أصبحت آنذاك من المراكز المهمة لأساطيل الجهاد الإسلامي المدافعة عن ثغور المسلمين على المحيط الأطلسي خلال القرون السادس عشر والسابع عشر والثامن عشر، وقد وصفها أبو عبدالله محمد في كتابه مقدمة الفتح من تاريخ رباط الفتح بعاصمة الجهاد الإسلامي والفتح الأندلسي. وكان للمدينة سبعة عشر بابًا تبقّى منها ستة، ومن آثارها مسجد حسان بمنارته الفخمة من إنشاء يعقوب المنصور، ويقوم اليوم فيها مسجد الملك محمد الخامس الذي أمر ببنائه الملك الحسن الثاني، ومن آثار الرباط قلعة (الأودايا) ومسجدها ومدرستها وحديقتها الفسيحة، وفي الرباط عدد كبير من الحمامات. وكانت الرباط عاصمة سياسية للمغرب خلال القرنين الثالث عشر والتاسع عشر، واختيرت عاصمة سياسية وإدارية ثانيةً من جانب الفرنسيين سنة 1912م، وانتهى الكاتب إلى أن تطور الرباط وازدهارها يتواصل في العصر الحديث في عهد الملوك العلويين.
|