دراسة أثرية لخريطة فلسطين وشرقي الأردن المصنوعة من الفسيفساء، التي عثر عليها في (مأدبا) الواقعة جنوبي عمّان بانحراف قليل إلى الغرب، وهدف الباحث إلى وصف هذه الخريطة واكتشافها ومضموناتها والظروف التاريخية المتصلة بها، ورجع إلى المصادر المنشورة حول تاريخ مأدبا، واستهل بالتعريف بتاريخ مأدبا من عهود الآشوريين، ومرورًا بعهد المؤابيين، فالأنباط، فالرومان، فالبيزنطيين، فالفرس، وانتهاءً بسيطرة العرب عليها، وقد أشار إلى أن الدولة العثمانية في سنة 1880م وهبت (خربة مأدبا) لثلاث عشائر هي: العزيزات، والكرادشة، والمعاعية الذي يسمون اليوم بالمعايعة، وفي أثناء عمران البلدة، عثر أحد رهبان الروم الأرثوذكس سنة 1884م على الخريطة المدروسة، وهي تشتمل على أسماء مدن في فلسطين وشرقي الأردن، ورأي البطريرك (جراسيموس) أن تدخل الخريطة في بناء كنيسة الروم الأرثوذكس، وقد زارها علماء آثار أوروبيون منذ أواخر القرن التاسع عشر لدراستها والكتابة عنها، وانبرى بعضهم لرسم هذه الخريطة بألوانها الطبيعية، ودرس الكاتب الخريطة واستنتج أنها رممت مرتين: تم الترميم في المرة الأولى باستخدام مكعبات من الفسيفساء ثبتت في الأماكن التي كان بها صور كائنات حية وأزيلت كالبحارين الأربعة المسافرين في البحر الميت، والأسد المهاجم لظبية في صحراء مؤاب، وجرى هذا الترميم بين ???-720. أما الترميم الثاني فغير فني وقصد منه ملء الفراغ يوم تم اكتشاف الخريطة سنة 1884م، ثم وصف الكاتب معالم الخريطة، فذكر أن محورها مدينة القدس، وتنتهي حدودها جنوبًا بالنيل، وتمتد شمالاً حتى صرفت (صرفند) الفلسطينية، أما غربًا فترى البحر المتوسط، والقسم الخاص بشرقي الأردن لم يكن يتعدى مدينة الكرك، وقد كان اتجاه الخريطة إلى الشرق، وقد ملئت فراغاتها بصور سفن وحيوانات وأسماك ونباتات ومناظر بشرية، ويرجع تاريخها إلى سنة 578م تقريبًا، وختم الكاتب بعرض القيمة التاريخية للخريطة وأهميتها الأثرية
|