تتناول المقالة الإمامين أبا حنيفة النعمان بن ثابت (80-150هـ)، ومالك بن أنس (93-197هـ)، وهدف الباحث منها إلى التعريف بسيرة كل منهما ومكانته وأصول مذهبه، ولم يوثِّق الكاتب مصادره في الترجمة لهما، وقد استهلّ مقالته بتناول سيرة أبي حنيفة، ومهّد لذلك بالحديث عن عصره والعوامل التي أحاطت به وكان لها أثرها في حياته؛ فنقل أن أبا حنيفة ولد في عصر الدولة الأموية، وأدرك ولاية الحجاج على العراق، كما أدرك خلافة الإمام العادل عمر بن عبدالعزيز، وعاصر ضعف هذه الدولة، وامتد به الأجل حتى شهد نهايتها، وظهور العباسيين، وكانت الدولة الإسلامية تتميز باتساع رقعتها وتباعد أقاليمها واختلاف أجناس أبنائها وثقافاتها، وكانت الحاجة للفتيا والقضاء عظيمة. وقد تفاعل المنهج العقلي بالمنهج النقلي لدى المسلمين فأثر ذلك في التفكير الإسلامي، واتجه الفقه إلى الكشف عن العلل في الأحكام الشرعية، وفرض المسائل، واستعمل أبو حنيفة القياس حيث لم يجد نصًّا في الكتاب أو السنة، وكانت العراق مركزًا مهمًّا للنشاط العلمي، ومهد مدرسة أهل الرأي، وفيها عاش أبو حنيفة وتأثر في منهج تفكيره، وقد عُرِف بكثرة اجتهاده وأخذه بالقياس، وكان يميل إلى آل البيت، ثم تناول الكاتب أصول مذهبه الآتية: التشدّد في قبول الحديث، والتوسع في القياس، والاستحسان أو القياس المستحسن. ثم تحدث الكاتب عن مالك بن أنس الذي يشبه عصره عصر أبي حنيفة إلا أنه أدرك من عهد الدولة العباسية فترة أطول، ونزع في حياته إلى الاستقرار، وهو من كبار التابعين، وقد اتخذ لنفسه مجلسًا في المسجد النبوي للدرس والإفتاء، وكان إمامًا في الحديث وروايته موثوق بها، وكان أول من عرف بالتدوين والتأليف في الإسلام؛ لأن كتابه "الموطأ" أقدم مؤَلَّف معروف، وقال القرطبي عياض: إن له تآليف غير الموطأ أشهرها رسالة إلى ابن وهب في القدر والردّ على القدرية، والموطأ كتاب حديث وسنة وفقه، ومذهبه في الفقه مبني على الأصول الآتية: القرآن الكريم، ثم السنة المطهرة، وعمل أهل السنة، وقول الصحابة، والمصالح المرسلة، وسدّ الذرائع، وقد كثر تلاميذه وعملوا على نشر مذهبه.
|