ناقش الكاتب خصائص تاريخ ابن بشر وما سجله بخصوص كيفية خروج الشيخ محمد بن عبدالوهاب من البصرة إلى الزبير، وروايته عن اعتداء بعض الناس عليه في حريملاء، وهدف إلى تقصي الحقائق حول ما وثقه ابن بشر حول الوقائع السابقة، وقد رجع لكتب التاريخ الصادرة عن نجد والدولة السعودية والدعوة السلفية، وبدأ بتقويم تاريخ ابن بشر وعدّه من أهم مصادر تاريخ حياة الشيخ محمد ابن عبدالوهاب والدولة السعودية التي قامت على أساس دعوته، إلا أن المتتبع لما سجله ابن بشر يلاحظ عدم دقته أحيانًا في تعبيره عن أمور معاصرة له وروايته لها، واحتمال ضعف روايته بالتالي عن أمور سبقت عصره أقوى وأقرب إلى الوقوع، ثم نظر في رواية ابن بشر عن قضية خروج الشيخ محمد بن عبدالوهاب من البصرة، حيث كان تصويره دراميًا للواقعة، وإن ما ذكره من التفاصيل المؤثرة فيها لم يذكرها المؤرخون للواقعة، ومنهم حسين بن غنام الأقرب إلى الحادثة زمنًا، وإلى الشيخ صلةً، وعبدالرحمن ابن حسن حفيد الشيخ، ورأى أن كلام ابن غنام يوحي بأن موقف الشيخ في البصرة كان قويًا، ولم يرد فيه أي ذكر لإخراج الشيخ من البصرة بغير رضاه، أو معاناته خلال سفره منها، كما أن كلام عبدالرحمن بن حسن ينص على أن جده عاد إلى البصرة بعد ذهابه إلى الإحساء، وأنه تركها ثانية إلى الحجاز، وليس في كلامه ما يدل على أن خروج الشيخ من البصرة في كلتا المرتين كان خروجًا غير طبيعي، وعلى ضوء ما سبق فإن الدارس ينبغي أن ينظر في رواية ابن بشر بحذر وتمحيص، ثم بحث رواية ابن بشر عن محاولة اعتداء أناس من أهل حريملاء على الشيخ، وقصة ابن بشر حول هذه الواقعة غير مذكورة في تاريخ ابن غنام، ولكن لم يستبعد الكاتب وقوع محاولة اعتداء على الشيخ في حريملاء لأنه لم تكن فيها آنذاك إمارة قوية، ولاحتمال تصدي الشيخ لأهل الفساد في البلدة، ورغم ذلك استبعد انتقال الشيخ من حريملاء إلى العيينة لذاك السبب كما يفهم من رواية ابن بشر عنها، وعزا ذلك إلى قبول أمير العيينة لدعوة الشيخ، ولكون العيينة أقوى من حريملاء وموحدة الزعامة مما يمهد لنجاح الدعوة فيها، ولوجود مكانة اجتماعية لأسرة الشيخ في العيينة، وأنها مسقط رأس الشيخ ومكان نشأته، وخلص إلى أن روايات ابن بشر عن حياة الشيخ وبداية دعوته ضعيفة
|