تناولت المقالة دور عرب الجزيرة في مصر في مقاومة الغزو الفرنسي للبلاد بغية كشف ما أغفلت كتب التاريخ ذكره من معلومات تاريخية متصلة بالموضوع؛ وقد رجع الكاتب لمصادر مختارة تؤرخ لفترة الدراسة وللحملة الفرنسية على مصر والشام في أواخر القرن الثامن عشر، واستهل بعرض سياسة نابليون في غزوه أرض مصر، حيث بادر بعد نزول جنود حملته إلى الأراضي المصرية في 18 المحرم سنة 1213هـ/ 2 يوليو 1798م إلى توزيع منشوره الأول الذي حاول فيه أن يستغل الدين وأن يتقرّب ويتودد إلى المسلمين في مصر وبخاصة المشايخ والقضاة والأئمة والعمد والأعيان زاعمًا كاذبًا أن "الفرنساوية هم أيضًا مسلمون مخلصون"، وأنهم "صاروا محبين مخلصين لحضرة السلطان العثماني وأعداء أعدائه"، وحاول نابليون أن يبث كذبه وخداعه إلى بقية الولايات العربية: عكا وطرابلس ودمشق والحجاز، وفي 30 ربيع الأول سنة 1213هـ/ 9 سبتمبر 1798م صدر بيان عن الباب العالي يعلن فيه الحرب رسميًا على فرنسا، وكان على الباب العالي أن يشرع في تنظيم المقاومة داخل مصر بالتعاون مع بقية الولايات العربية، وضُبطت منشورات عثمانية موجهة إلى أهل مصر في أواخر جمادى الأولى سنة 1213هـ، ونشطت مراسلات الباب العالي مع شريف مكة وإمام اليمن وبقية حكام الولايات العربية تحث على التعاون لمواجهة الغزو الفرنسي، وبعد موقعة الأهرام في 7 صفر سنة 1213هـ ودخول الفرنسيين إلى القاهرة فرّ مراد بك إلى الصعيد، وأرسل نابليون حملة لمطاردته، وكان مراد بك قد ضم إلى جانبه الأنصار من أهل البلاد كما أرسل يستنجد بأشراف مكة وعرب ينبع وجدة واستنفر أهل النوبة لمقاومة الفرنسيين. ومن المرجح أن تكون تلك الاتصالات قد تمت في إطار عام يشمل تنظيم الدولة العثمانية لمقاومة الغزو الفرنسي، وما كان لأشراف الحجاز تقديم مساعدة له دون موافقة العثمانيين، وركب عدد كبير من مجاهدي الجزيرة العربية البحر واتجهوا إلى مصر لمقاومة الغزاة الفرنسيين، وقد بحث الكاتب في طريقة قدومهم وقيادتهم وعددهم ومواجهتهم للفرنسيين بالاشتراك مع أهل الصعيد .
|