تناولت الدراسة معالجة البحر والصحراء في شعر غازي القصيبي لبيان مظاهرها ودلالاتها، وقد استهلت بتوضيح أهمية عنصري البحر والصحراء عند القصيبي، وهما يردان متقابلين في شعره في نسق مميز، ومرتبط ارتباطًا وثيقًا بنفسيته.
وقد استقر البحر في ذهن الشاعر منذ الطفولة كرمز ذي قيمة إيجابية، أما الصحراء فإنها لم تكن في يوم من الأيام جزءًا من حياته ولم ترتبط بتكوينه النفسي، فلم تتسرب إلى أعماقه بصفتها مصدرًا من مصادر العطاء، لذلك ظلت الصحراء رمزًا سلبيًا مناقضًا للماء، وقد ضربت بجفافها وهجيرها حصارًا خانقًا على الشاعر. ويعرض القصيبي لوحة شعرية للبحر ذات دلالات مختلفة عن لوحة الصحراء، حيث كان لنشأته على شواطئ الخليج العربي أثر واضح في تشكيل سيرته الشعرية، وغطى مفهوم البحر في الدراسة كل مصادر المياه، وقد تناوله الباحث من حيث إنه بحر حقيقي أو مجازي، ويقدم البحر رمزًا لحياة الفطرة البسيطة النقية التي يحلم إنسان العصر بالعودة إليها كلما حزبته مشكلات الحضارة، وتمثل أمنيات الشاعر إلى الخليج الحلم بالرجعة إلى تلك الحياة. وارتبط البحر باستخدامه المجازي ومعناه الواسع عند القصيبي بالحب والظمأ إلى ما لا يمكن وما لا يكون، والحب عنده سر بقائه بل سببه، وهو معادل للحياة عندهُ. وانتهى الباحث إلى أن ثنائية الظمأ والارتواء قد اقترنت في شعر القصيبي بمصادر المياه العذبة، وملوحة ماء البحر مصدر من مصادر الظمأ. والصحراء مرادفة للظمأ لارتباطها بالجفاف والجدب وتأتي في شعره متناقضة مع البحر، وترمز إلى الحرمان والموت
|