تناولت المقالة تاريخ الكتابة والمخطوطات العربية، وهدف الكاتب إلى تتبع ظهور الكتابة العربية وخصائصها، والتدوين، وتكون التراث المخطوط، وقد رجع إلى طائفة غنية من المصادر، يأتي على رأسها القرآن الكريم، ثم الحديث الشريف، إضافة إلى كتب الإنشاء، والدواوين، والتاريخ، والتراجم والوفيات؛ وقد استهل الكاتب مقالته بعرض موجز لتاريخ الكتابة العربية، ووجود العارفين للكتابة في العصر الجاهلي مع محدودية انتشارها بين العرب وقتذاك، وأوضح أن الشعر الجاهلي لم يدوّن إلا في أواخر العصر الأموي وأوائل العصر العباسي؛ ولقد حثّ الرسول صلى الله عليه وسلم على تعلم الكتابة والقراءة، وكاد التدوين في القرن الإسلامي الأول أن يكون مقصورًا على كتاب الله، ولم يجمع للقرآن نص كامل في موضع واحد إلا في عهد أبي بكر رضي الله عنه، وظلت الصحف التي دون فيها القرآن عند أبي بكر حتى توفاه الله، فانتقلت إلى خليفته وظلت عنده كذلك حتى لقي ربه، فآلت من بعده إلى أم المؤمنين حفصة بنت عمر وبقيت عندها إلى أن وقع الخلاف بين القرّاء، وبلغ ذلك عثمان فأرسل إلى حفصة يطلب الصحف، وكلف زيد بن ثابت، وعبدالله بن الزبير، وسعيد بن العاص، وعبدالرحمن بن الحارث بن هشام بنسخها في المصاحف، ثم ردها إلى حفصة، وأرسل إلى كل أُفق بمصحف مما نسخوا، وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق، وكانت المصاحف الأولى خالية من النقط والشكل، وكانت أول مرحلة من مراحل ضبط الكتابة العربية هي التي تمت على يد أبي الأسود الدؤلي (ت 69هـ)، وشهد الربع الأخير من القرن الأول الهجري كتابات عربية ذات نقطين: نقط إعراب، ونقط إعجام بلونين مختلفين لتمييزهما، ثم قام الخليل بن أحمد في العصر العباسي الأول بتيسير الكتابة العربية؛ وتابع الكاتب ظهور التراث والمؤلفات العربية وتراكمها منذ منتصف القرن الأول الهجري، ودرس نشاط حركة التأليف بالعربية من القرن الثاني الهجري إلى القرن الرابع الهجري، وقد تضافرت عوامل ثلاثة في إثراء التراث العربي وهي صناعة الورق، ومجالس الإملاء، والوراقة والوراقون الذين كانوا ينسخون الكتب ويصممونها ويجلدونها ويوزعونها، وتطرق الكاتب إلى ظاهرة اقتناء الكتب وظهور خزائن كتب التراث وعناية الخلفاء بها.
|